صفحة:الأصمعي حياته وآثاره (1955) - عبد الجبار الجومرد.pdf/15

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الإسلامية المجاورة لذلك امتلأت موانىء البصرة بالسفن التي قال فيها الشاعر « ابن أبي عيينة المهلبي»

يا جنة فاقت الجنان فما
يعدلهـا قيمة ولا ثمن
الفتهــا فاتخذتها وطنا
من سفن كالنعام مقبــــــــلة
ان فؤادي لمثلهــا وطن
ومن نعام كأنها سفن١

بجانب هذا التقدم الزراعي والاقتصادي لم تعدم البصرة من حركة صناعية موفقة لكثرة من نزح اليها فسكنها من النمرس والهنود والصينيين وغيرهم من القادمين من بلاد عريقة بالصناعة المتحضرة فصنعوا انواع السلاح من المعادن المستوردة من خراسان وغيرها ؛ وتفننوا في صقل السيوف وترصيعها وتزيين الدروع وتغليفها ؛ وتقفوا الرماح والسهام التي صنعوها من الخيزران الهندي ؛ وصاغوا الذهب الوارد من الشرق وعملوا منه شتى الحلي وطرزوها بالجواهر والأحجار الكريمة التي كان يأتي بها التجار من سواحل المحيط ؛ ونظموا اللالي الفاخرة المستخرجة من قعر الخليج الفارسي ؛ وطبعوا الرسوم والنقوش على كؤوس الزجاج بالوان شعرية زاهية كما وصفها الأديب البصري، ابو نواس بقوله

تدار علينا الراح في عسجدية
حبتها بأنواع التصاوير فارس
قرارتها كسرى وفي جنباتها
مهى تدريبها بالقسي الفوارس

وغزلوا الصوف ونسجوا القطن والحرير ، ومهروا بعصر الفواكه وطرق حفظها ، وتقطير الخمور من الأعناب والتمر ؛ واستعملوا الطواحين المائيـة

والهوائية ؛ وعملوا القفف والإصرار وغيرها من القصب والبردي وسعف


  1. معجم البلدان : البصرة .
- ۱۷ -
الاصمعي «۲»