صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/77

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٦١

على عنقها الأملس بكفيه القاسيتين وصرخ بأعلى صوته (تعالوا وانظروا الزانية وعشيقها) فهرول الجيران ثم جاء الجند مستطلعين الخبر فأسلمها إلى أيديهم الخشنة فاقتادوها محلولة الشعر ممزقة الأثواب. أما أنا فلم يمسَّني أحد بضرر لأن الشريعة العمياء والتقاليد الفاسدة تعاقب المرأة إذا سقطت، أما الرجل فتسامحه.

وعاد الشاب نحو المدينة ساترًا وجهه بأثوابه ولبثت أنا ناظرًا متأملا متنهدًا وجثة اللص المشنوق ترتجف قليلًا كلما هَزَّ الهواء أغصان الشجرة كأنها تسترحم بحراكها أرواح الفضاء لتهبط وتمددها على صدر الأرض بجانب قتيل المروءة وشهيدة الحب.

وبعد ساعة ظهرت امرأة ضعيفة الجسم ترتدي خرقًا باليةً ووقفت بقرب المشنوق تقرع صدرها باكية ثم تسلقت الشجرة وقضمت حبل الكتان بأسنانها فسقط الميت على الأرض سقوط الثوب البليل. فنزلت المرأة وحفرت قبرًا