صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/73

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٥٧

عواطفي حتى سمعت وطء أقدام قريبة مني، فنظرت وإذا بصبية قد ظهرت من بين الأشجار، واقتربت من الجثث الثلاث متحذرة متلفتة بخوف إلى كل ناحية، حتى إذا ما رأت رأس الفتى المقطوع صرخت جزعًا، وركعت بجانبه وطوقته بزنديها المرتجفتين، وأخذت تستفرغ الدموع من عينيها، وتلامس شعره الجعدي بأطراف أصابعها، وتنتحب بصوت عميق جارح خارج من صميم الكبد، ولما أنهكها البكاء وغلبتها الحسرات، أسرعت تحفر التراب بيديها حتى إذا ما حفرت قبرًا وسيعًا، وجرت إليه الفتى المصروع، ومددته على مهل موجع، ووضعت رأسه المضرج بالدماء بين كتفيه وبعد أن غمرته بالتراب غرست نصل السيف الذي قطع عنقه على قبره، وإذ همَّت بالانصراف تقدمت نحوها، فأجفلت وارتعشت خوفًا ثم أطرقت والدمع السخين يتساقط كالمطر من مقلتيها وقالت متنهدة: «اشكني إلى الأمير إن شئت فخير لي أن أموت والحق بمن خلصني