صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/70

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٥٤

وقفت وهول المشهد يغشى بصيرتي بنقابٍ كثيفٍ مظلمٍ، ونظرت فلم أَرَ سوى خيال الموت المريع منتصبًا بين الجثث الملطَّخة بالدِّماء، وأصغيت فلم أسمع غير عويل العدم ممزوجًا بنعاب الغربان الحائمة حول فريسة شرائع البشر.

ثلاثة من أبناء آدم كانوا بالأمس على أحضان الحياة، فأصبحوا اليوم في قبضة الموت.

ثلاثة أساءوا بعُرْفِ البشر إلى الناموس، فمدت الشريعة العمياء يدها، وسحقتهم بقساوة.

ثلاثة جعلهم الجهل مجرمين؛ لأنهم ضعفاء فجعلتهم الشريعة أمواتًا لأنها قوية.

رجل فتك برجل آخر، فقال الناس: هذا قاتل ظالم، وعندما فتك به الأمير قال الناس: هذا أمير عادل.

ورجل حاول أن يسلب الدير، فقال الناس هذا لصٌٌ شرير، وعندما سلبه الأمير حياته، قالوا هذا أمير فاضل.