صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/46

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٣٠

وقالت «تعالَ فأريك خفايا هؤلاء الناس الذين لم أَرْضَ أن أكون مثلهم، انظر إلى ذلك القصر ذي الأعمدة الرخامية والجوانح النحاسية، والنوافذ البلورية ففيه يسكن رجل غني وَرِثَ ماله عن والده البخيل، واكتسب أخلاقَه من جوانب الأَزِقَّةِ المفعمة بالمفاسد، وقد تَزَوَّجَ منذ عامين بامرأة لم يعرف عنها شيئًا سوى أن لوالدها شرفًا موروثًا ومنزلة رفيعة بين نبلاء البلاد، ولم ينقضِ شهر العسل حتى مَلَّهَا متضجرًا، وعاد إلى مسامرة بنات الهوى، وتركها في هذا القصر مثلما يترك السِّكِّيرُ جرة خمر فارغة، فبكت وتوجعت لأول وهلة ثم تصبرت وسَلَتْ سُلُوَّ من عرف خطأه، وعلمت بأن دموعَها هي أثمنُ من أن تُهرق على خسارة رجل مثل زوجها، وهي الآن مشغولة عن كل شيء بعشق فتى جميل الوجه حلو الحديث تسكب في راحتيه