صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/155

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٣٩

وقطعانه لا تحصى، وقد أخبرني مكاري الدير الذي بات عندي ليلة أمس بأن هذا الشاب كان يردد على مسامع الرهبان آيات الكفر مقرونة بألفاظ ثورية تدل على طيشه وخباثته، فقد تجاسر مرات عديدة وخطب فيهم قائلًا (أرجعوا حقول الدير وكرومه وأمواله إلى سكان هذه القرى الفقراء وتفرَّقوا إلى كل ناحية وذاك خير من الصلاة والعبادة) وأخبرني المكاري أيضًا بأن قساوة التوبيخ وأوجاع الجلد بالسياط وظلمة السجن لم تُعِدْ لهذا الكافر صوابه بل كانت تغذي الشيطان القابض على نفسه مثلما تكثر أوساخ المزابل عدد الحشرات»

فانتصب الشيخ عباس على أقدامه ونظير نَمِرٍ يتراجع قليلًا إلى الوراء قبيل الوثوب بقي ساكتًا هنيهة يُصِرُّ أسنانه وينتفض غيظًا، ثم مشى نحو باب القاعة ونادى خدامه بصوت عالٍ فجاء ثلاثة منهم ووقفوا أمامه مستطلعين أمره، فخاطبهم قائلًا «في بيت راحيل الأرملة شاب مجرم يرتدي أثواب راهب فاذهبوا الآن وقودوه إليَّ مكتوفًا