صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/121

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٠٥

وأحضرت راحيل إذ ذاك رغيفين من الخبز وقصعة مملوءة دبسًا وطبقًا عليه بعض الثمار المجففة وجلست بجانبه تطعمه بيدها لقمًا صغيرة مثلما تفعل الأم وطفلها، حتى إذا اكتفى من الطعام وشعر بشيء من النشاط استوى جالسًا على البساط فانعكست أشعة النار الوردية على وجهه المصفر، وتلمعت عيناه الحزينتان ثم قال هازًّا رأسه بهدوء (الرحمة والقساوة تتصارعان في القلب البشري مثلما تتحارب العناصر في فضاء هذه الليلة المظلمة، ولكن سوف تتغلب الرحمة على القساوة لأنها إلهية وسوف تمر مخاوف هذه الليلة بمجيء النهار) وسكت الشاب دقيقة ثم زاد بصوت منخفض يكاد لا يُسمع (يد بشرية دفعتني إلى الهوان ويد بشرية خلصتني فما أشد قساوة الإنسان وما أكثر رأفته)