صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/106

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٩٠

فتقدمت سوسان، تلك الصبية التي بعثتها العروس رسولًا إلى حبيبها، ووقفت أمام الكاهن ونظرت إليه بعينين مغرورقتين بالدموع وقالت بشجاعة «أنا أبقى هنا أيها الكافر الأعمى وانا أحرسهما حتى يجيء الفجر وأنا أحفر لهما قبرًا تحت هذه الأغصان المتدلية، فإن منعتم عني محفرًا مزقت صدر الأرض بأصابعي، وإن ربطتم ساعدي حفرته بأسناني، أسرعوا من هذا المكان المملوء برائحة البخور واللبان فالخنازير تأبى استنشاق العطور الزكية، واللصوص الخاطفة تهاب رَبَّ البيت وتخشى قدوم الصباح، أسرعوا إلى مضاجعكم المظلمة لأن أغاني الملائكة المتموجة فوق شهيدَيِ الحب لا تدخل آذانكم المسدودة بالتراب»

وتفرق الناس من أمام وجه الكاهن العبوس ولبثت تلك الصبية واقفة بقرب الجثتين الهامدتين كأنها أم رَقُوبٌ تحرس طفليها في سكينة الليل ولما توارى الجمع وخلا ذلك المكان استسلمت للبكاء والنحيب.