صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/65

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٥٩-

وفي نهاية الأسبوع، وقد سكرت نفسي بخمرة عواطفي، سرت مساءً إلى منزل سلمى كرامة، ذلك الهيكل الذي أقامه الجمال وقدَّسه الحب لتسجد فيه النفس مصلية ويركع القلب خاشعًا. ولما بلغته ودخلت إلى تلك الحديقة الهادئة أحسست بوجود قوة تستهويني وتستميلني وتبعدني عن هذا العالم وتدنيني ببطء إلى عالم سحري خالٍ من العراك والجهاد، ومثل متصوف جذبته السماء إلى مسارح الرؤيا؛ وجدتني سائرًا بين تلك الأشجار المحتبكة والزهور المتعانقة، حتى إذا ما اقترَبتُ من باب الدار التفتُّ، وإذا بسلمى جالسة على ذلك المقعد بظلال شجرة الياسمين، حيث جلسنا منذ أسبوع في تلك الليلة التي اختارتها الآلهة من بين الليالي وجعلتها بدء سعادتي وشقائي، فدنوت منها صامتًا، فلم تتحرك ولم تتكلم؛ كأنَّها علمت بقدومي قبل قدومي، ولما جلستُ بجانبها حدَّقت إلى عينيَّ دقيقة، وتنهّدت تنهُّدة طويلة