صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/29

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٢٣-

الدهر وأنوائه. وغرسة ضعيفة لينة لم ترَ غير الربيع ولم ترتعش إلا بمرور نسيم الفجر.

أما سلمى فكانت ساكتة تنظر إليّ تارة وطورًا إلى أبيها، كأنها تقرأ في وجهينا أول فصل من رواية الحياة وآخر فصل منها.

قضى ذلك النهارُ متنهدًا أنفاسه بين تلك الحدائق والبساتين، وغابت الشمس تاركة خيال قبلة صفراء على قمم لبنان المتعالية قبالة ذلك المنزل، وفارس كرامة يتلو عليّ أخباره فيذهلني، وأنا أترنم أمامه بأغاني شبيبتي فأطربه، وسلمى جالسة بقرب تلك النافذة تنظر إلينا بعينيها الحزينتين ولا تتحرك، وتسمع أحاديثنا ولا تتكلم، كأنها عرفت أن للجمال لغة سماوية تترفع عن الأصوات والمقاطع التي تحدثها الشفاه والألسنة، لغة خالدة تضم إليها جميع أنغام البشر، وتجعلها شعورًا صامتًا مثلما تجتذب البحيرة الهادئة أغاني السواقي إلى