صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/26

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٢٠-

ما سرت بضع خطوات في تلك الحديقة حتى ظهر فارس كرامة في باب المنزل خارجًا للقائي، كأن هدير المركبة في تلك البقعة المنفردة قد أعلن له قدومي، فهشّ متأهلًا وقادني مرحِّبًا إلى داخل الدار، ونظير والد مشتاق أجلسني بقربه يحدِّثني مستفسرًا عن ماضيّ مستطلعًا مقاصدي في مستقبلي، فكنت أجيبه بتلك اللهجة المفعمة بنغمة الأحلام والأماني التي يترنّم بها الفتيان قبل أن تقذفهم أمواج الخيال إلى شاطئ العمل حيث الجهاد والنزاع … للشبيبة أجنحة ذات ريش من الشعر وأعصاب من الأوهام، ترتفع بالفتيان إلى ما وراء الغيوم، فيرون الكيان مغمورًا بأشعة متلونة بألوان قوس قزح، ويسمعون الحياة مرتلة أغاني المجد والعظمة، ولكن تلك الأجنحة الشعرية لا تلبث أن تمزِّقها عواصف الاختبار، فيهبطون إلى عالم الحقيقة، وعالم الحقيقة مِرْآة غريبة يرى فيها المرء نفسه مصغرة مشوهة.