صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/14

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٨-

وتنسج بأصابع الحيرة والالتباس نقابًا من اليأس والقنوط حول قلبي، فلم أذهب إلى البرية إلا عدت منها كئيبًا جاهلًا أسباب الكآبة، ولا نظرت مساءً إلى الغيوم المتلوِّنة بأشعة الشمس إلا شعرت بانقباض متلف ينمو لجهلي معاني الانقباض، ولا سمعت تغريدة الشحرور أو أغنية الغدير إلا وقفت حزينًا لجهلي موحيات الحزن.

يقولون إن الغباوة مهد الخلو والخلو مرقد الراحة، وقد يكون ذلك صحيحًا عند الذين يولدون أمواتًا ويعيشون كالأجساد الهامدة الباردة فوق التراب. ولكن إذا كانت الغباوة العمياء قاطنة في جوار العواطف المستيقظة تكون الغباوة أقسى من الهاوية وأمرَّ من الموت. والصبي الحساس الذي يشعر كثيرًا ويعرف قليلًا هو أتعس المخلوقات أمام وجه الشمس؛ لأن نفسه تظل واقفة بين قوتين هائلتين متباينتين: قوة خفيفة تحلق به في السحاب وتريه محاسن