صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/109

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-١٠٣-

عندما انتصف ذلك الليل المخيف فتح فارس كرامة عينيه الغارقتين في ظلمة النزع، فتحهما لآخر مرة، وحولهما نحو ابنته الجاثية بجانب مضجعه، ثم حاول الكلام فلم يستطع، لأن الموت كان قد تشرب صوته فخرجت هذه الألفاظ لهاثًا عميقًا من بين شفتيه« ها قد ذهب الليل ... وجاء الصباح ... يا سلمى... يا... يا سلمى ... »

ثم نكس رأسه وابيضّ وجهه وابتسمت شفتاه وأسلم الروح.

ومدت سلمى يدها ولمست يد والدها فوجدتها باردة كالثلج، فرفعت رأسها ونظرت إليه فرأت وجهه مبرقعًا بنقاب الموت، فجمدت الحياة في جسدها وجفت الدموع في محاجرها، فلم تتحرك ولم تصرخ ولم تتأوّه، بل بقيت محدقة به بعينين جامدتين كعيني التمثال، ثم تراخت أعضاؤها مثلما تتراخى طيات الثوب البليل، وهبطت حتى لمست