صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/103

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٩٧-

وسلمى كرامة لم تكن تعرف أمها لأنها ماتت وهي طفلة، وقد شهقت متأثرة عندما رأت رسمها ونادتها «يا أماه» قَسْرَ إرادتِها لأن لفظة الأم تختبئ في قلوبنا مثلما تختبئ النواة في قلب الأرض، وتنبثق من بين شفاهنا في ساعات الحزن والفرح، كما يتصاعد العطر من قلب الوردة في الفضاء الصافي والممطر.

كانت سلمى تحدِّق إلى رسم أمها ثم تقبِّله بلهفة ثم تلزه إلى صدرها الخفوق، ثم تتأوه متنهِّدة، ومع كل تنهّدة تفقد جزءًا من قواها، حتى إذا ما وهت الحياة في جسدها النحيل هوت وسقطت بجانب سرير أبيها، فوضع كلتا يديه على رأسها قائلًا «قد أريتُكِ يا ولدي شبح أمكِ على صفحة من الورق، فأصغي إليَّ لأسمعك أقوالها»

فرفعت سلمى رأسها مثلما تفعل الفراخ في العش عندما تسمع حفيف أجنحة العصفورة بين القضبان، ونظرت إليه