صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/98

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٩٨ –

آراء مختلفة في مواضيع او تناولها العقل لم يصدر فيها سوى أحكام متجانسة ، ويتجلى هذا الاختلاف عند الوقوف على شأن العناصر الدينية والعناصر العاطفية في تكوين الآراء.

ولا ينشأ اختلاف الرأي - كما يزعمون أحيانا - عن تفاوت في تعلم الذين يبدونه ، لأننا نشاهد صدور هـذا الاختلاف عن أناس تقاربوا علما وذكاء ، وقد يثبت لدينا ذلك عند اطلاعنا على الأجوبة التي جمعت في أثناء استقراء بعض المسائل المعينة.

ومن بين الأمثلة الكثيرة اورد مثالاً بارزاً نشره الموسيو ( بينيه ) في احدى المجلات واليكه : لما أراد الموسيو ( بينيه ) أن يطلع على نتائج حذف تاريخ الفلسفة من برامج المدارس الثانوية أرسل سؤالاً إلى جميع الاساتذة الذين كانوا يدرسونه عن رأيهم في الحذف المذكور ، إلا أن الأجوبة التي أخذها ذلك كانت متناقضة ، إذ غد بعض الاساتذة حسنا ما عده البعض الآخر مضراً ، ثم سأل الموسيو ( بينيه ) مستنتجا : «كيف يستحسن أستاذ اصلاحا بمقته زميله ؟ فياله من أمر مفيد أثبت للأساتذة أن آراء البشر تكون نسبية حتى آراء اصحاب الكفاءة من الرجال ! »

وقد حدث مثل التناقض المذكور في جميع المواضيع وفى كل زمان ، مع ذلك فان الانسان مضطر الى اختيار أحد الآراء كي يسير في الحياة ، فكيف يقع هذا الاختيار ؟ اكتشف الناس حتى الآن طريقتين فقط : إما قبول رأى الأكثرية وإما قبول رأى رجل واحـد نصيب ملكاً ، ومن هاتين الطريقتين تشتق جميع النظم السياسية.

لاشك في أن الرأي اذا دعمته الأكثرية لا يكون لهذا السبب أرقى من الرأي المخالف ، كما أن رأى الفرد الذي ألزم الناس به قد لا يكون اسمي من غيره ، و إنما ضرورة السير هي التي توجب اختيار أحـدى الطريقتين ، فلولا الاختيار لوقع تذبذب في الأمور وبطل السير والحركة.

ورأى الفرد الذي هو على جانب كبير من الفضل والعبقرية يكون على العموم