صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/189

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۸۹ -- العشرية قد يؤمن من غير صعوبة بخروج محارب على رأسه خوذة من جسم أحد الوسطاء وبمشيه في احدى القيعان وبتعريضه نفسه للحضور کی بجسوا نبضه و يعتقدوا نه ليس شيخا فارغاً أو غازاً لا يمكن مسه . ولا قرار لسرعة التصديق والسذاجة فقد جاء في عدد من مجلة استخدام الأرواح التي يديرها أحد اساتذة كلية الطب في باريس ما يأتى : اولا حكاية وسيط رفع ساعة كبيرة من غير أن يمسها ، ثانيا صور بعض الارواح ، ثالثا البحث عن جن يسكنون الغابات ، رابعا قصة أربعة اشباح أنشدت نشيد ( المرسيلياز ) الخ . إذا لا يفضل العالم الجاهل من حيث سذاجته وسرعة تصديقه ، فالسذاجة المتناهية هي حال نفسية قد تهيمن علينا جميعا عند ما تخرج من دائرة المعرفة لندخل في دائرة المعتقد الأسرار حقا إن بضاعة العلم مزجاة ، فهو لا يوضح سوى عدد يسير من المحيطة بنا ، الا أنه يقول إن الحوادث تابعة لنواميس ثابتة غير متقلبة . وما تخلص البشر من الهمجية النفسية الأولى إلا بعد أن ضرب بالخرافات والاساطير القديمة عرض الحائط وصار لا يخاف سلطان المشعوذين والخوارق والسحرة، ولم يكتشف مستخدمو الأرواح في كل جيل حقيقة مجهولة أن طرق العلم ومناهجه تخرج من العدم عالما مؤلفا من العجائب ، فلنترك زمر الاشباح والأرواح التي هي بنات الليل الى أرباب النفوس المريضة والننظر الى النور الذي يتبدد أمامه جيش الظلام . ا لا جدال في هذه النتائج ، غير أنها لم تحل المشكلة من جميع وجوهها ، فجميع الناس في كل زمن سكبوا في قالب المعتقد الذي هو ضروري لحاجات النفس الأبدية ، ذلك لأن العلم يحرم على نفسه الخوض في مصير الدنيا مع أن النفس ترى مثلها الأعلى وآمالها في هذا المصير ، فالنفس تقرع على الدوام باب حصن الأسرار الحصين أملاً في اكتشاف سبب الأشياء ومصيرها ، وبما أنها لم تقدر حتى الآن على فتح ذلك فانها ملأت الحصن المذكور بأوهام وأحلام .