صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/188

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- YAA — الوساوس والشبهات ، فيرى أنه لا بد من أن يكون شيء خلف الحوادث المذكورة التي سلم بصحتها عدد غير قليل من العلماء ، ثم يعود الى الاجتماع مرات عديدة فتستأنف تلك المؤثرات النفسية عملها فيه فيتدرج الى فقد ارتيابه حتى تغيب ملكة الانتقاد فيه فيدخل في دائرة المعتقد راسخ الايمان . ومع ان ذلك التدرج دليل على تقهقر منطقه العقلى لا يعترف بالواقع فيأتى بتجارب جديدة مستعينا بآلاته وأدواته العلمية وينصب حبائل لاصطياد الأشباح . ولكن لما كانت الأشباح أمراً لا تناله يد المراقبة فان تجارب قاما العلم تنجح في شؤونها ، حينئذ يكتفى العالم بظواهر الأمور وتفوته عوامل التدليس مهما تكن ظاهرة ، وهكذا حتى يتم قهر منطقه العقلي فيعلن العالم ايمانه بالمعتقد الجديد على رؤوس الأشهاد، على هذه الصورة تمت مباحث كثير العلماء في الوقت الحاضر، ومن هؤلاء العلماء الأستاذ الشهير ( لومبروزو ) الذي كان شديد الارتياب عند ما باشر تدقيقاته فاصبح شديد الإيمان في نهاية الأمر كما يشهد بذلك كتابه الأخير . تبين مما سبق كيف أن العلم لا يقدر على تحرير الانسان من أوهام المعتقـد ، ولو طبتمنا أحكامنا على انتشار الأديان التاريخية لاتضح الأمر أكثر من تطبيقها على أمور السحر ، فالأديان تذيع في الغالب بين أناس بسطاء عاطلين من ملكة النقد عاجزين عن التعقل والتجربة والاختبار ، وفي هؤلاء الناس قد تؤثر عوامل الايمان ولا سيما النفوذ والعدوى النفسية أكثر مما تؤثر في العلماء الذين يتذرعون بوسائل يمكنها أن تقيهم فعل هذه العوامل ، نقول قد تؤثر لأننا نعلم أن العالم والجاهل وإن اختلفا من الوجهة العقلية يتقاربان من الوجهة الدينية والعاطفية في أغلب الأوقات ، وقاما تكون معتقدات العالم الشهير الدينية والسياسية والاجتماعية أعلى معتقدات أحقر الرعاة . --- حدود السذاجة وسرعة التصديق يدلنا هذا الفصل والفصول السابقة على أنه لا حد للسذاجة وسرعة التصديق في ميدان المعتقد وأنه لا فرق فيه بين العالم والجاهل ، فالعالم الذي يشك في الكسور .