صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/165

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الناس من دون تحقيق بل صرح كثير من علماء الطبيعة بأنهم حققوا أمرها بالتجربة . ظن أحد أساتذة الحكمة الطبيعية المشهورين الموسيو ( بلوندلو ) أنه شاهد كثيراً من الاجسام تنشر أشعة خاصة نعتها بأشعة ( 1 ) يمكن قياس تموجها بضبط ودقة ، وبما أن العالم المذكور ذو نفوذ كبير سلم أكثر علماء فرنسا بصحة زعمه غير مجادلين ، وقد كرروا التجربة ذاتها بأنفسهم فرأوا صحة ما تلقنوه ، ثم إن مجمع العلوم رأى أن يكافى، صاحب ذلك الاكتشاف الخطير فأوفد كثيراً من أعضائه ومنهم العالم الطبيعي ماسكار - الى المكتشف كي يحققوا عنده صحة مباحثه ، فعادوا مشدوهين وجود بما شاهدوه منه ومنحة المجمع جائزة قدرها خمسون ألف فرنك . وفي أثناء ذلك أنى علماء الأجانب الذين لا تأثير العلماء فرنسا فيهم بتجارب مكررة في الموضوع فلم يظفروا بشيء ، وعندئذ عزم عدد غير يسير منهم على شد الرحال الى المكتشف ليختبروا الأمر أمامه ، وسرعان ما علموا أن هذا الأخير ذهب ضحية أوهام تطرقت اليه من قياسه انحراف أشعة ( 8 ) بمنشور من زجاج ، وعلى أثر ذلك قامت ، « المجلة العلمية » ببحث ضاف في المسئلة فظهر أن أشعة ( 7 ) هي نتيجة للتلقين ام والعدوى وأنه لا لها --- ۱۹۹ . -

محادثات تدلنا هذه القصة العجيبة على ما للنفوذ والتلقين والعدوى من السلطان الكبير ، وبها تتضح لنا كيفية تكوين المعتقدات وكثير من الحوادث التاريخية وجميع السحر فالناس يسحرون بالتلقين ، وإذا كان تأثير التلقين في المسائل العلمية هو كما وصفنا فما أحرى به أن يكون عظيما في إحداث أمور خارقة للعادة . لم أبحث هنا الا عن أوهام عامية شهيرة ، ولو ذكرت ما تسرب في مختلف المسائل العلمية من الأوهام التي مصدرها النفوذ لاستوعب ذلك سفراً كبيراً ، ولذا فأنى اقتصر على ايراد المثال الآني إعتقد أحد طلاب الموسيو ( لييان ) أنه اكتشف أن الجسم المكهرب وهو في دور الحركة لا يجتذب الابرة المغناطيسية ، وقد كان أمر هذا الطالب مجهولاً ، ولكنه لما أتى بتجاربه في حضرة الموسيو ( ليمان ) واستعان بنفوذه العلي العظيم اتبعه علماء الطبيعة الى أن أثبت أحد علماء الاجانب أن الطالب واستاذه كانا على ضلال. جميع