يقضوا على تأثير الماضى بتخريب الكنائس والتماثيل والقصور ، غير أن هذا التخريب لم يطل عهده حتى يقدر على التأثير في المشاعر التي ثبتت بفعل الوراثة والتي هي أمتن من رموزها الحجرية .
۲ – کیف تتطور المعتقدات .
لا يعنى ثبات المعتقدات على الوجه الذي ذكرناه أنها لا تتحول أبداً ، فهي بالعكس تتطور وإن كان أتباعها يزعمون خلاف ذلك ، وسبب هذا الزعم تصريح الكتب المقدسة باستحالة تحريف الديانة التي تدعو الناس اليها .
حقًا إن الواقع يثبت أن المعتقد سياسيا كان أم دينيا أم فنيًا أم اجتماعيًا لا يثبت سوى اسمه ، وقد بينت في كتابي المسمى « سر تطور الأمم » كيف تتحول الأناظيم واللغات والمعتقدات والفنون ثم أثبت أن هذه العناصر لا تنتقل من أخرى من غير أن يعتورها تبدل عظيم .
وعلى هذا فإن المعتقدات مع ثباتها الظاهر الناشىء عن نصوصها القاطعة تضطر إلى التحول لتلتهم بالتقلب الذي يطرأ على نفسية أتباعها والبيئات التي تتسرب فيها ، والتحول المذكور يقع ببطء ، ولكن متى تراكم هذا التحول بتعاقب الأزمنة بدا للعين أنه لا صلة بين نصوص الكتب أيام وضعها و بين تطبيقها على العمل عند تمام ذلك التراكم ، خذ ديانة البراهمة مثلا تر أنها ابتعدت من كتب الهندوس المسماة « فيدا » وكذلك أمر الديانة البوذية .
ومع أنه يصعب تعيين النواميس التي يسير عليها تطور المعتقدات فاننا نذكر ما يأتي :
أولاً : قد يُجمع بين المعتقدات المتماثلة عند المصاقبة ، وذلك كما يقع في آلهة الوثنيين ومعتقداتهم – ثانيا : إذا كانت المعتقدات متباينة فالقوى منهـا يقضى على البقية ، لهـذا السبب استطاع الإسلام أن يهدى غدا قبائل أفريقيا المتوحشة أمم الهند العريقة في التمدن .. ثالثُا : بعد أن يتم ال النصر للمعتقد ينقسم الى فرق ومذاهب لا يحافظ كل منها على غير مبادىء المعتقد الأساسية .