صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/152

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ١٥٢ –

قد لا يرضى بمثلها العقل السديد ، ثم كان يقول ان الايمان واجب للنجاة من نار جهنم

على فرض وجودها ، ولكن كيف يدخل الايمان في قلب الانسان ؟ اسمع ما يقول « ان كنتم تريدون أن تكونوا مؤمنين فباشروا الأمر كانكم مؤمنين اى اشربوا ماء المعمودية وأقيموا القداس الخ وبذلك تصبحون من المؤمنين »

يثبت لنا مبحث ( باسكال ) عجز العقل عن مقاتلة المعتقد، وبهذا العجز نفسر بضع حوادث تاريخية غامضة في ظاهرها كحادثة دير ( بور رويال ) التي كدرت صفاء جانب من عهد لويس الرابع عشر ، كان في ذلك الدير بضعة رهبان أتقياء لهم رأى خاص في نظرية المشيئة الأزلية ، ولو نظر إلى مباحثهم في الغفران وتناول القربان وقضايا ( جانسينيوس) الخمس من الوجهة العقلية لتبين أنها لا تستحق الاهتمام، ومع ذلك أوجبت في القلوب غضبا شديداً أدى الى نسف الدير المذكور وتشتيت شمل رهبانه مع كونهم عنوان الفضيلة والصلاح ، فلو كان العقل ذا تأثير في وقوع مثل ذلك الحادث لتنذر أيضاح أمره .

وتلك المعتقدات تنضج في عالم اللاشعور فلا سلطان للعقل ولا للارادة عليها ، وهى نتيجة تلقين كالتلقين الذي يأتي به جميع المنومين في الوقت الحاضر نعم قد يلقى العقل في النفس شوقا الى الاعتقاد ولكنه يعجز عن حمل الانسان عليه ولن يكون المرء ذا اعتقاد باتباع نصيحة ( باسكال ) القائلة إن الرجل يصير معتقداً بعد أن يرغم نفسه على الظهور بمظهر المؤمن ، فالإرادة مهما تكن قوية لا تقدر على إدخال الايمان الى القلب .

ولأن المعتقد مستقل عن العقل فاننا لا نعجب كما لاحظ رييو « من مشاهدة ذوى العقول السامية الذين انقطعوا الى مناهج العلم وأصوله يؤمنون في أمور الدين والسياسة والأخلاق بآراء صبيانية يترفعون عن المجادلة فيها ثانية واحدة لوكان المؤمنون بها غيرهم . »

وفي الغالب تعاني المعتقدات غير مناقشين فيها ، وحسنًا ما نفعل ، فسوف يشيخ العالم كثيراً قبل أن يوازن العقلُ خلقَ التدين .