صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/12

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ۱۲ –

لا شك في أنه ظهرت في القرن السابق طرق علمية أحسن من الطريقة الروحية ولكنها غير مثمرة مثلها، واليكها :

الطريقة النفسية الجثمانية .– لما ظهرت هذه الطريقة ظُنَّ أنه سيكون لها مستقبل مجيد لتطبيقها حوادث الجسم على أحوال النفس، ولكن سرعان ما بدا للعلماء ضيق دائرتها، إذ لم تطبق تلك الحوادث إلا على أبسط الأحوال النفسية کسرعة المؤثر العصبي والزمن الضروري لانعكاس الحركة والنسبة العددية بين التهييج والحس الخ، على أن أموراً كهذه هي بالحقيقة عضوية قلما ينتفع بها علم النفس.

طريقة المراكز الدماغية . – تسمى هذه الطريقة في اسناد أيّ خلل في وظائف النفس إلى ضرر يقع في أحد الأعصاب، على هذه الصورة ظَنَّ أن في الدماغ مراكز هي مصدر أي عمل نفسی، إلا أنه قد غُضَّ النظر عن تلك المراكز الآن حتي التي لاح منها أنه ثابت صحیح كمركز النطق ومرکز الخط .

طريقة الفحص والاختبار . – ظل النجاح حليف هذه الطريقة وقتاً طويلاً، حتى أن المختبرات النفسية لا تزال مملوءة بآلات توزن بها الحركات التي يُظَنَّ أنها ذات علاقة بالعقل والذكاء، وقد طبع عدد غير يسير من الرسائل في البحث عن هذه الحركات فسلم بما جاء فيها بضعة علماء مشهورين، والرسالة التي نشرها أحد أنصار هذه الطريقة المتأخرين باحثاً فيها عن الرياضي ( هنري بوانكاره ) تدلنا على أن حظ علم النفس من الطريقة المذكورة ضئيل إلى الغاية، ولذا أعملت تماماً في الوقت الحاضر.

طريقة درس الأمراض النفسية . – هذه الطريقة هي التي أتت اكثر من غيرها بوثائق على النشاط النفسي اللاشعوری وعلى التصوف والتقليد وانحلال شخصية الانسان الخ، وهي على رغم كونها حديثة في تطبيقها فقد علمها أكابر الكتاب الروائيين السابقين كشكسبير، حقاً لقد اكتشف هؤلاء لما فيهم من دهاء عظيم ونظر ثاقب حوادث لم يعينها العلم الا أخيراً. فاطلعوا على أن مكبث متهوس، وعطيل مصاب بالصرع، وهملت سكير استحوذت عليه وساوس الخوف، والملك ليار سخيف سوداوی ذو