صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/105

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٠٥ –

سياسية كانت أم أخلاقية أم دينية أفكار ومشاعر مشتركة أصبحت راسخة في النفوس بحيث يسلم بها جميع ابنائه غير مجادلين.

إذاً ليست روح الشعب عبارة عن تصور نظري بل هي حقيقة ذات حياة تكونت من تقاليد وأفكار وأساطير وخيالات .تكاثفة في النفس تكاثفا ارثيًا ، هذه الروح تكون قوة الشعب .

واذا كان اتحاد الناس ناشئًا عن فتوحات قسرية فانه يتكون منهم مجموع موقت سریع الانحلال ماداموا عاطلين من روح قومية ، واذ لم ينالوها يظلون برابرة ، لأن القضاء على مقومات الماضى النفسية يؤدي حتماً إلى وقوع الشعب في طور الهمجية

ويكون اختلاف الآراء عند الأمة ذات الروح القومية المتينة في المواضيع التي لا أهمية لها ، وأما في الأمور الكبيرة فانه يحدث عندها اجتماع في الرأي ، وقد أتى الانكليز بمثال بارز على ذلك في حرب الترنسفال ، فانهُ عندما توالى انكسار الجيوش البريطانية أمام فلاحي البوير سنحت لجرائد الحزب المعارض فرصة مهاجمة الوزارة ، ولكن ذلك لم يخطر على قلب كاتبٍ ، ولو خطر على باله لردعته روحه القومية عنه .

ولا تتجلى الروح القومية الا في ما يتعلق بالمنافع العامة العظيمة ، وهذه الروح لا تمنع الأفراد من ان يكونوا ذوى آراء شخصية ذات ثبات كما أن صفات النوع في التاريخ الطبيعي لا تمنع ذلك النوع من اتصافه بصفات الجنس الذي يشتق منه .

قد لاحظنا آنفا أن تكوين الروح المشتركة لا يتم الا في الأمم التي لا يختلف بعضها عن بعض الا قليلاً ، فاذا كانت على اختلاف كبير فانها لا تلتحم ، لأن أفرادها لما كانوا مختلفين روحًا فان تأثير الأشياء الخارجية فيهم يكون متباينًا ، وهذا ما يمنعهم من من أن يكونوا ذوى آراء مشتركة في أي موضوع ، فحال التشك والمجر في النمسا والايرلنديين في انكلترا يؤيد صحة هذا الناموس .

توالد الشعوب الكثيرة الاختلاف يغير المؤثرات الارثية ، ولكن الأفراد يفقدون بهذا التوالد كل ثبات نفسي ، ولذلك يتعذر حكم الأمة المولدة ، يثبت هذا ماهو واقع في جمهوريات اميركا اللاتينية من الفوضى .