وممن ذهب إلى إثباتها من المتأخرين العلامة أحمد زيني دحلان في سيرته النبوية، قال العلامة ابن العجمي بعد أن لخص أقوال المثبتين من أهل عصره ومن قبلهم ما نصه: «وحاصل جميع ما تقدم الاعتراف بأن ذلك لا سند له وأنه على مجرد الشهرة، وهو غير كاف في إثبات نسبتها إليه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الخصوصيات لا تثبت بالاحتمالات؛ لأنها من الأمور السمعية المحضة التي لا مجال للعقل فيها بنفسه، فما وجدنا فيه نصًّا نتحدث به ونعتقده، وما لا نص فيه نكِل علمه إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا نتكلم به لعدم استقلال العقل فيه بنفسه دون نصّ» اهـ.
بقي أن الجلال السيوطي وإن أنكر ذلك في فتاواه فقد ذكره في باب ما اختص به صلى الله عليه وسلم عن أمته في أواخر خصائصه الصغرى نقلاً عن رزين العبدري ولكن بلا سند وسكت عنه كالمقر له حتى نسبه بعضهم إلى الاضطراب والتردد، وبعضهم إلى السهو والنسيان، ولم يعرف أيّ الكتابين أسبق في التأليف حتى يعول عَلَى ما في الأخير منهما ويُعدّ رجوعاً منه عما في الأول، وقد حاوَل الشهاب الخفاجي في شرح الشفا التوفيق بين صنيعيه بقوله: «قلت: لا سهو ولا نسيان فإن السّيوطي رحمه الله تعالى لم ينكر هذه المعجزة، وإنما أنكر ما يؤثر بعينه في الأماكن التي ذكروها». قلنا: يصح ذلك لو أن السّيوطي اقتصر في فتاواه عَلَى إنكاره التأثير في شيء بعينه، ولكنه مع إنكاره ذلك في بعض أحجار معروفة أنكر أيضاً تلين الصخر وتأثير القدم