صفحة:الآثار النبوية (الطبعة الأولى).pdf/37

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٣٧ -

ولم يزل هذا الرباط عامراً مأهولًا بالمصلين والزوّار، حتى تبدلت الدول واختلت الأحوال، فنقلت منه الآثار الشريفة خوفاً عليها من السراق، وتغيرت معالمه بتجديد بنائه، والذي وقفنا عليه من ذلك، تجديده زمن إبراهيم باشا الدفتردار المتولي عَلَى مصر سنة ١٠٧١، كما في تراجم الصواعق في واقعة الصناجق1 ففيه أنه لما عزل وأنزلوه من القلعة صلى الجمعة يوم ١٢ شوال سنة ١٠٧٣ في مسجد أثر النبي الذي بمصر القديمة، وكان وسعه وجدده وبنى تحته رصيفاً لدفع ماء النيل عن بنائه، ورتب له مائة عثماني، وأرصد له طيناً، وعين به قراء ووظائف وحراساً قاطنين به وشرط النظر لمن يلي أغاوية اليكيجرية بمصر. وذكر الجبرتي في حوادث رجب من سنة ١٢٢٤ ما نصه: «وفيه تقيد الخواجة محمود حسن بزرجان باشا بعمارة القصر والمسجد الذي يعرف بالآثار النبوية، فعمرها عَلَى وضعها القديم، وقد كان آل إلى الخراب» اهـ. قلت: والراجح أنه البناء الباقي إلى اليوم، ولم يزل هذا المسجد مقام الشعائر والصلوات مقصوداً بالزيارة على قلة، لحجر فيه يزعمون أن عليه أثر قدمه صلى الله عليه وسلم، وليس بصحيح، وسيأتي كلامنا عليه وعلى ما يماثله من الأحجار في تتمة ملحقة بهذا الفصل، وأما القصر الذي ذكره الجبرتي فقد زال، وبجوار المسجد الآن بعض أطلال ماثلة لعلها من بقاياه.


  1. هو في حوادث وقعت بمصر ولم نعلم اسم مؤلفه، وورد في مواضع منه أنه (ابن محمود). وكان (مرسيل) أحد العلماء الذين رافقوا جيش الفرنسيس الذي احتل مصر سنة ١٢١٣ عثر عليه بها فحمله إلى بلاده ثم سعينا في استنساخ هذه النسخة من هذا الأصل سنة ١٣٣٨ وحفظناها بخزانتنا.