صفحة:الآثار النبوية (الطبعة الأولى).pdf/20

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٢٠ -

ومعه الفقهاء والأعيان، فقبض عليه لوقته وقتل جميع من كان معه، ثم قتل المستعصم شدخاً بالعمد ووطأ بالأقدام لتجافيه بزعمه عن دماء أهل البيت وذلك سنة ست وخمسين، وركب إلى بغداد فاستباحها واتصل العبث بها أياماً، وخرج النساء والصبيان وعلى رؤوسهم المصاحف والألواح فداستهم العساكر وماتوا أجمعين. ويقال إن الذي أحصي ذلك اليوم من القتلى ألف ألف وستمائة ألف1. واستولوا من قصور الخلافة وذخائرها على ما لا يبلغه الوصف ولا يحصره الضبط والعد، وألقيت كتب العلم التي كانت بخزائنهم جميعا في دجلة، وكانت شيئاً لا يعبر عنه مقابلة في زعمهم بما فعله المسلمون لأول الفتح في كتب الفرس وعلومهم» اهـ كلام ابن خلدون.

(تنبیه) روى القرماني في أخبار الدول خبر البردة الكعبية وبقائها عند بني العباس إلى أن أحرقها هلاكو مع القضيب كما مر، ثم حكى قول وزعم أن التي كانت عندهم بردة أيلة لا بردة كعب، وأعقب هذا القول بقوله: «وأظن أنها البردة التي وصلت لسلاطين آل عثمان، فهي اليوم عندهم يتباركون بها ويسقون ماءها لمن به ألم فيبرأ بإذن الله، واتخذ لها المرحوم السلطان مراد خان تغمده الله بالرحمة والغفران صندوقاً


  1. أعاد ابن خلدون خبر هذه الكائنة في كلامه على دولة بني هلاكو فقال: إن عدد القتلى كان «ألف ألف وثلاثمائة ألف». والذي يذكره مؤرخو الترك مع تشيعهم لهلاكو وإحسانهم الظن به أن عدد الذين قتلهم في هذه الوقعة أهل بغداد البالغين خاصة بلغ ٨٠٠ ألف نسمة. فإذا ضممنا إليهم قتلى الجيش المجموع من المملكة العراقية الذي أباده قبل أن يصل إلى أهل بغداد ثم قتلى الصبيان غير البالغين الذين داستهم سنابك الخيل وعلى رؤوسهم المصاحف والألواح ظهر لنا أن عبارة ابن خلدون التي صدرها بكلمة (ويقال) ليست بعيدة عن الصواب.