صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/59

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فيه سرير من المرمر مرصعا بالدر والجواهر ونظرت نورا لامعاً فی جهة فقصدتها فوجدت فيها جوهرة مضيئة قدر بيض النعامة على كرسی صغير وهی تضیء كالشمعة ونورها ساطع ومفروش على ذلك السرير من أنواع الحرير ما يحير الناظر فلما نظرت الى ذلك تعجبت ورأيت فی ذلك المكان شموعا موقدا فقلت فی نفسی لابد ان أحدا أوقد هذه الشموع ثم انی مشيت حتى دخلت موضعا غيره وصرت أفتش فی الاماكن ونسيت نفسی مما دهشنی من التعجب من تلك الاحوال واستغرق فكری الى أن دخل الليل فاردت الخروج فلم أعرف الباب وتهت عنه فعدت الى الجهة التی فيها الشموع الموقدة وجلست على السرير وتغطيت بلحاف بعد أن قرأت شيئاً من القرآن وأوردت النوم فلم أستطع ولحقنی القلق فلما انتصف الليل سمعت تلاوة القرآن بصوت حسن رقيق فالتفت الى مخدع فرايت بابه مفتوحا فدخلت الباب ونظرت المكان فاذا هو معبد وفيه قناديل معلقة موقدة وفيه سجادة مفروشة جالس عليها شاب حسن المنظر فتعجبت كيف هو سالم دون أهل المدينة فدخلت وسلمت عليه فرفع بصره ورد علی السلام فقلت له أسألك بحق ما تتلوه من كتاب الله ان تجيبنی عن سؤالی فتبسم وقال اخبرینی عن سبب دخولك هذا المكان وأنا اخبرك بجواب ما تسألينه عنه فاخبرته بخبری فتعجب من ذلك ثم اننی سألته عن خبر هذه المدينة فقال امهلينی ثم طبق المصحف وادخله فی كيس من الاطلس وأجلسنی بجنبه فنظرت اليه فاذا هو كالبدر حسن الاوصاف لين الاعطاف بهی المنظر رشيق القد أسيل الخد زهی الوجنات كانه المقصود من هذه الابيات

رصد النجم لیله فبداله
قد الملیح یمیس في بردیه
وأمده زحل سواد ذوائب
والمسك هادی الخال فی خدیه
وغدت من المریخ حمرة خده
والقوس یرمی النبل من جفنیه
وعطارد أعطاه فرط ذکائه
وأبی السها نظر الوشاة الیه
فغدا المنجم حائرا مما رأی
و البدر باس الارض بین یدیه

فنظرت له نظرة أعقبتنی الف حسرة واوقدت بقلبی كل جمرة فقلت له يا مولای اخبرنی عما سألتك فقال سمعا وطاعة علمی ان هذه المدينة مدينة والدی وجميع أهله وقومه وهو الملك الذی رأيته على الكرمی ممسوخا حجرا وأما الملكة التی رأيتها فهی أمی وقد كانوا مجوسا يعبدون النار دون الملك الجبار وكانوا يقسمون بالنار والنور والظل والحرور والفلك الذی يدور وكان أبی ليس له ولد فرزق بی فی آخر عمره فربانی حتى نشئت وقد سبقت لی السعادة وكان عندنا عجوز طاعنة فی السن مسلمة تؤمن بالله ورسوله فی الباطن وتوافق أهلی فی الظاهر وكان أبی يعتقد فيها لما يري عليها من الامانة والعفة وكان يكرمها ويزيد في اكرامها وكان يعتقد أنها على دينه فلما كبرت سلمنی أبی اليها وقال خذيه وربيه وعلميه أحوال ديننا واحسنی تربيته وقومی بخدمته فأخذتنی العجوز وعلمتنی دين