صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/55

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فساقتنا المقادير الى هذا الباب ودخلنا عليكم وهذا سبب حلق ذقنی وتلف عينی فقالت له ان كانت حكايتك غريبة فامسح على رأسك واخرج الی حال سبيلك فقال لا اخرج حتى أسمع حديث رفيقی فتقدم الصعلوك الثالث وقال ايتها السيدة الجليلة ما قصتی مثل قصتهما بل قصتی أعجب وذلك ان هذين جاءهما القضاء والقدر واما أنا فسبب حلق ذقنی وتلف عينی اننی جلبت القضاء لنفسی والهم لقلبی وذلك انی كنت ملكا ابن ملك ومات والدی وأخذت الملك من بعده وحكمت وعدلت وأحسنت للرعية وكان لی محبة فی السفر فی البحر وكانت مدينتی على البحر والبحر متسع وحولنا جزائر معدة للقتال فاردت ان أتفرج على الجزائر فنزلت فی عشرة مراكب وأخذت معی مؤونة شهر وسافرت عشرين يوما ففی ليلة من الليالی هبت علينا رياح مختلفة الى ان لاح الفجر فهدأ الريح وسكن البحر حتى أشرقت الشمس ثم اننا اشرفنا على جزيرة وطلعنا الى البر وطبخنا شيئا نأكله فاكلنا ثم أقمنا يومين وسافرنا عشرين يوما فاختلفت علينا المياه وعلى الريس استغرب الريس البحر فقلنا طلناظورانظر البحر بتأمل فطلع على الصاری ثم نزل الناظور وقال للريس رأيت عن يمينی سمكا على وجه الماء ونظرت الى وسط البحر فرأيت سوادا من بعيد يلوح تارة أسود وتارة أبيض فلما سمع الريس كلام الناظور ضرب الارض بعمامته ونتف لحيته وقال للناس ابشروا بهلاكنا جميعاً ولا يسلم منا أحد وشرع يبكی وكذلك نحن الجميع نبكی على أنفسنا فقلت ايها الريس اخبرنا بما رأى الناظور فقال يا سيدی اعلم اننا تهنا يوم جاءت علينا الرياح المختلفة ولم يهدأ الريح الا بكرة النهار ثم أقمنا يومين فتهنا في البحر ولم نزل تائهين أحد عشر يوما من تلك الليلة وليس لنا ريح يرجعنا الى ما نحن قاصدون آخر النهار وفی غد نصل الی جبل من حجر اسود يسمى حجر المغناطيس ويجرنا المياه غصبا الى جهته فتمزق المركب ويروح كل مسمار فی المركب الى الجبل ويلتصق به لان الله وضع فی حجرالمغناطيس سرا وهو ان جميع الحديد يذهب اليه وفي ذلك الجبل حديد كثير لا يعلمه الا الله تعالى حتى انه تكسر من قديم الزمان مراكب كثيرة بسبب ذلك الجبل ويلی ذلك البحر قبة من النحاس الاصفر معمودة على عشرا عمدة وفوق القبة فارس على فرس من نحاس وفی يد ذلك الفارس رمح من نحاس ومعلق فی صدر الفارس لوح من رصاص منقوش عليه اسماء وطلاسم فيها ايها الملك ما دام هذا الفارس راكبا على هذه الفرس تنكسر المراكب التی تفوت من تحته ويهلك ركابها جميعا ويلتصق جميع الحديد الذی فی المركب بالجبل وما الخلاص الا اذا وقع هذا الفارس من فوق تلك الفرس ثم ان الريس يا سيدتی بكى بكاء شديد فتحققنا اننا هالكون لا محالة وكل منا ودع صاحبه فلما جاء الصباح قربنا من ذلك الجبل وساقتنا المياه اليه غصباً فلما صارت المراکب تحته انفتحت وفرت المسامير منها وكل حديد فيها نحو حجر المغناطيس ونحن دائرون حوله في آخر النهار وتمزقت المراكب فمنا من غرق ومنا من سلم ولكن أكثرنا غرق والذين سلموا لم يعلموا ببعضهم لان تلك الامواج واختلاف الارياح أدهشتهم واما أنا يا سيدتي فنجانی الله تعالى لما أراده من مشقتی وعذابی وبلوتی فطلعت على لوح من الالواح فالقاه الريح والاموج الى جبل فاصبت طريقا متطرفا الى أعلاه على هيئة السلالم