صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/36

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

نصرانى فاعطته دينارا وأخذت منه مقدارا من الزيتون ووضعته فى القفص وقالت له احمله واتبعنى فقال الحمال هذا والله نهارك مبارك ثم حمل القفص وتبعها فوقفت على دكان فكهانى واشترت منه تفاحا شاميا وسفرجلا عثمانية وخوخا عمانيا وياسمينا حلبيا وبنوفرا دمشقياً وخيارا نيليا وليموناً مصريا وتمرحنا وشقائق النعمان وبنفسجآ ووضعت الجميع في قفص الحمال وقالت له احمل فحمل وتبعها حتى وقف على جزار وقالت له اقطع عشرة أرطال لحمه فقطع لها ولفت اللحم في ورق موز ووضعته في القفص وقالت له احمل يا حمال فحمل وتبعها ثم وقفت على النقلى وآخدت من سائر النقل وقالت للحمال احمل واتبعنى فحمل القفص وتبعها إلى أن وقفت على دكان الحلوانى واشترت طبقا وملأته من جميع ماعنده من مشبك وقطائف وميمونة وأمشاط وأصابع ولقيمات القاضى ووضعت جميع أنواع الحلاوة فى الطبق ووضعته فى القفص فقال الحمال لو أعلمتينى لجئت معى ببغل نحمل عليه هذه الامور فتبسمت ثم وقفت على العطار واشترت منه عشرة مياه ماء ورد وماء زهر وخلافه وغير ذلك وأخذت قدرا من السكر وأخذت مرش ماء ورد ممسك وحصى لبان ذكر وعودا عنبرا ومسكا وأخذت شمـعاً إسكندرانيا ووضعت الجميع فى القفص وقالت احمل قفصك واتبعنى فحمل القفص وتبعها به الى ان اتت داراً مليحة وقدامها رحبة فسيحة وهى عالية البنيان مشيدة الأركان بابها بشفتين من الابنوس مصفح بصفائح الذهب الاحمر فوقفت الصبية على الباب ودقت دقا لطيفا وإذا بالباب انفتح بشفتيه فنظر الحمال إلى من فتح لها الباب فوجدها صبية رشيقة القد قاعدة النهد ذات حسن وجمال وقد واعتدال وجين كغرة الهلال وعيون كعيون الغزلان وحواجب كهلال رمضان وخدود مثل شقائق النعان وفم كخاتم سليمان ووجه كالبدر فى الاشراق ونهدين كرمانيتين باتفاق وبطن مطوى تحت الثياب كطى السجل للكتاب فلما نظر الحال اليها سلبت عقله وكاد القفص ان يقع من فوق راسه ثم قال ما رأيت عمرى أبرك من هذا النهار فقالت الصبية البوابة للدلالة والحمال مرحبا وهى من داخل الباب ومشوا حتى انتهوا إلى قاعة فسيحة مزركشة مليحة ذات تراكيب وشاذر وأنات ومصاطب وسدلات وخزائن عليها الستور مرخيات وفى وسط القاعة سرير من المرمر مرصع بالدر والجوهر منصوب عليه ناموسية من الاطلسي الاحمر ومن داخله صبية بعيون بابلية وقامة الفية ووجه يخجل الشمس المضية فكأنها بعض الكواكب الدرية أو عقيلة عربية كما قال فيها الشاعر

من قاس قدك بالغصن الرطيب فقد
اصحى القياس به زورا وبهتانا
الغصن أحسن ما نلقاه مكتسيا
وأنت أحسن ما نلقاك عريانا

فنهضت الصبية الثالثة من فوق السرير وخطرت قليلا الى أن صارت فى وسط القاعة عند أختيها وقالت ما وقوفكم حطوا عن رأس هذا الحمال المسكين فجاءت الدلالة من قدامه والبوابة من خلفه وساعدتهما الثالثة وحططن عن الحمال وافرغن ما فى القفص وصفوا كل شىء فى محله وأعطين الحمال دينارين وقلن له توجه يا حمال فنظر إلى البنات وما هن فيه من الحسن والطبائع الحسان فلم يرى