فركبه ومشى صحبة الركب والغلمان حوله محدقون به وقال لهم الخادم ان عدم منه شعرة كانت بواحد منكم ولكن اكرموه ولا تهينوه فلما رأى الوقاد الغلمان حوله يئس من الحياة والتفت الى الخادم وقال له يا مقدم انا ما لی اخوة ولا أقارب وهذا الشاب لا يقرب لی ولا أنا أقرب له وانما انا رجل وقاد فی حمام ووجدته ملقى على المزبلة مريضا وصار الوقاد يبكی ويحسب فی نفسه الف حساب والخادم ماش بجانبه ولم يعرفه بشیء بل يقول له قد أقلقت سيدتنا بانشادك الشعر أنت وهذا الصبی ولا تخف على نفسك وصار الخادم يضحك عليه سرا واذا نزلوا أتاهم الطعام فيأكل هو والوقاد فی آنية واحدة فاذا أكلوا أمر الخادم الغلمان أن يأتوا بقلة سكر فیشرب منها ويعطيها للوقاد فيشرب لكنه لا تنشف له دمعة من الخوف على نفسه والحزن على فراق ضوء المكان وعلي ما وفع لهما فی غربتهما وهما سائران والحاجب تارة يكون من باب المحفة لأجل خدمة ضوء المكان ابن الملك عمر النعمان ونزهة الزمان وتارة يلاحظ الوقاد وصارت نزهة الزمان وأخوها ضوء المكان فی حديث وشكوى ولم يزالا على تلك الحالة وهم سائرون حتى قربوا من البلاد ولم يبق بينهم وبين البلاد الا ثلاثة أيام فنزلوا وقت المساء واستراحوا ولم يزالوا نازلين الى ان لاح الفجر فاستيقظوا وأرادوا أن يحملوا واذا بغبار عظيم قد لاح فهم وأظلم الجو منه حتى صار كالليل الداجی فصاح الحاجب قائلا امهوا ولا تحملوا وركب هو ومماليكه وساروا نحو ذلك الغبار فلما قربوا منه بان من تحته عسكر جرار كالبحر الزخار وفيه رايات وأعلام وطبول وفرسان وأبطال فتعجب الحاجب من أمرهم فلما رآهم العسكر افترقت منه فرقة قدر خمسمائة فارس واتوا الى الحاجب هو ومن معه وأحاطوا بهم وأحاطت كل خمسة من العسكر بمملوك من مماليك الحاجب فقال لهم الحاجب أی شیء الخبر ومن أين هذه العساكر حتى تفعل معنا هذه الافعال فقالوا له من أنت ومن أين أتيت والى این تتوجه فقال لهم انا حاجب أمير دمشق الملك شركان ابن الملك عمر النعمان صاحب بغداد وأرض خراسان أتيت من عنده بالخراج والهدية متوجها الى والده ببغداد فلما سمعوا كلامه ارخوا مناديلهم على وجوههم وبكوا وقالوا ان عمر النعمان قدمات ومامات الا مسموما فتوجه وما عليك باس حتى تجتمع بوزيره الأكبر الوزير دندان فلما سمع الحاجب ذلك الكلام بكى بكاء شديدا وقال واخيبتاه فی هذه السفرة وصار يبكی هو ومن معه الى أن اختلطوا بالعسكر فاستأذنوا له الوزير دندان فاذن له وأمر الوزير بضرب خيامه وجلس على سرير فی وسط الخيمة وامر الحاجب بالجلوس فلما جلس سأله عن خبره فاعلمه انه حاجب أمير دمشق وقد جاء بالهدايا وخراج دمشق فلما سمع الوزير دندان ذلك بكى عند ذكر الملك عمر النعمان ثم قال له الوزير دندان ان عمر النعمان قدمات مسموما وبسبب موته اختلف الناس فيمن يولونه بعده حتى أوقعوا القتل فی بعضهم ولكن منعهم عن بعضهم الاكابر والاشراف والقضاة الأربعة واتفق جميع الناس على ان ما أشار به القضاة الأربعة لا يخالفهم فيه أحد فوقع الاتفاق على اننا نسير الى دمشق ونقصد ولده الملك شركان وناتی به ونسلطنه علی مملكة أبيه وفيهم جماعة يريدون ولده الثانی وقالوا انه يسمى ضوء المكان وله أخت تسمي نزهة الزمان وكانا قد توجها الى
صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/220
المظهر