والده يوما من الايام مالی اراك تزداد ضعفا فی جسمك واصفرار فی لونك فقال له شركان يا والدی كلما رأيتك تقرب اخواتی وتحسن اليهم يحصل عندی حسد وأخاف أن يزيد بي الحسد فاقتلهم وتقتلنی أنت بسببهم اذا أنا قتلتهم فمرض جسمی وتغير لونی بسبب ذلك ولكن أنا أشتهی من احسانك أن تعطينی قلعة من القلاع حتى أقيم بها بقية عمری فان صاحب المثل يقول بعدی عن حبيبی أجمل لی واحسن عين لا تنظر وقلب لا يحزن ثم أطرق برأسه الى الارض فلما سمع الملك عمر النعمان كلامه عرف سبب ما هو فيه من التغير فاخذ بخاطره وقال له يا ولدی انی أجيبك الى ما تريد وليس في ملكی أكبر من قلعة دمشق فقد ملكتها من هذا الوقت ثم أحضر الموقعين فی الوقت والساعة وأمرهم بكتابة تقليد ولده شركان ولاية دمشق الشام فكتبوا له ذلك وجهزوه وأخذ الوزير دندان معه وأوصاه بالمملكة والسياسة وقلده أموره ثم ودعه والده وودعته الامراء وأكابر الدولة وصار بالعسكر حتى وصل الى دمشق فلما وصل اليها دق له أهلها الكاسات وصاحوا بالبوقات وزينوا المدينة وقابلوه بموكب عظيم سار فيه أهل الميمنة ميمنة وأهل الميسرة ميسرة هذا ما كان من أمر شركان(وأما)ما كان من أمر والده عمر النعمان فانه بعد سفر ولده شركان أقبل عليه الحكماء وقالوا له يا مولانا ان أولادك تعلموا الحكمة والادب فعند ذلك فرح الملك عمر النعمان فرحا شديدا وأنعم على جميع الحكماء حيث رأى ضوء المكان كبر وترعرع وركب الخيل وصار له من العمر أربع عشر سنة وطلع مشتغلا بالدين والعبادة محبا للفقراء وأهل العلم والقرآن وصار أهل بغداد یحبونه نساء ورجالا الى أن طاف بغداد محمل العراق من أهل الحج وزيارة قبر النبی ﷺ فلما رأى ضوء المكان موكب المحمل اشتاق الى الحج فدخل على والده وقال له اني اتيت اليك لأستأذنك فی أن احج فمنعة من ذلك وقال له اصبر الى العام القابل وانا اتوجه الى الحج وآخذك معی فلما رأى الامر يطول عليه دخل على اخته نزهة الزمان فوجدها قائمة تصلی فلما قضت الصلاة قال لها انی قد قتلنی الشوق الى حج بين الله الحرام وزيارة قبر النبی عليه الصلاة والسلام واستأذنت والدی فمنعنی من ذلك فالمقصود ان آخذ شيئا من المال واخرج الى الحج سرا ولا اعلم ابی بذلك فقالت له أخته بالله عليك ان تأخذني معك ولا تحرمنی من زيارة النبی ﷺ فقال لها اذا جن الظلام فاخرجی من هذا المكان ولا تعلمی احدا بذلك فلما كان نصف الليل قامت نزهة الزمان واخذت شيئا من المال ولبست لباس الرجال وكانت قد بلغت من العمر مثل عمر ضوء المكان ومشت متوجهة الى باب القصر فوجدت اخاها ضوء المكان قد جهز الجمال فركب واركبها وسارا ليلا واختلطا بالحجيج ومشيا الى ان صارا في وسط الحجاج العراقيين وما زالا سائرين وكتب الله لهما السلامة حتى دخلا مكة المشرفة ووقفا بعرفات وقضيا مناسك الحج ثم توجها الى زيارة النبی ﷺ فزاراه وبعد ذلك أرادا الرجوع مع الحجاج الى بلادهما فقال ضوء المكان لأخته يا أختي أريد أن أزور بيت المقدس والخليل ابراهيم عليه الصلاة والسلام فقالت له وأنا كذلك واتفقا على ذلك ثم خرجا واكترى له ولها مع المقادسة وجهزا
صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/191
المظهر