صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/192

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

حالهما وتوجها مع الركب فحصل لأخته فی تلك الليلة حمي باردة فتشوشت ثم شفيت وتشوش الآخر فصارت تلاطفه فی ضعفه ولم يزالا سائرين الى ان أدخلا بيت المقدس واشتد المرض على ضوء المكان ثم انهما نزلا في خان هناك واكتريا لهما فيه حجرة واستقرا فيها ولم يزل المرض يتزايد على ضوء المكان حتى أنحله وغاب عن الدنيا فاغتمت لذلك اخته نزهة الزمان وقالت لا حول ولا قوة الا بالله هذا حكم الله ثم انها قعدت هی واخوها فی ذلك المكان وقد زاد به الضعف وهی تخدمه وتنفق عليه وعلى نفسها حتى فرغ ما معها من المال وافتقرت ولم يبق معها دينار ولا درهم فارسلت صبی الخان الى السوق بشیء من قماشها فباعه وأنفقته على أخيها ثم باعت شيئا آخر ولم تزل تبيع من متاعها شيئا فشيئا حتى لم يبق لها غير حصير مقطعة فبكت وقالت لله الامر من قبل ومن بعد ثم قال لها أخوها يا احتی انی قد أحسست بالعافية وفی خاطري شيء من اللحم المشوی فقالت له أخته والله یا أخي انی ما لی وجه للسؤال ولكن غدا أدخل بيت أحد الا كابر وأخدم وأعمل بشیء نقتات به أنا وأنت ثم تفكرت ساعة وقالت انی لا يهون علی فراقك وأنت فی هذه الحالة ولكن لا بد من طلب المعاش قهرا عنی فقال لها أخوها بعد العز تصبحين ذليلة فلا حول ولا قوة الا بالله العلی العظيم ثم بكى وبكت وقالت له يا أخي نحن غرباء وقد أقمنا هنا سنة كاملة ما دق علينا الباب أحد فهل نموت من الجوع فليس عندی من الرأی الا انی أخرج وأخدم وآتيك بشیء نقتات به الى أن تبرأ من مرضك ثم نسافر الى بلادنا ومكثت تبكی ساعة ثم بعد ذلك قامت نزهة الزمان وغطت رأسها بقطعة عباءة من ثياب الجمالين كان صاحبها نسيها عندهما وقبلت راس اخيها وغطته وخرجت من عنده وهي تبكی ولم تعلم أين تمضی وما زال أخوها ينتظرها الى ان قرب وقت العشاء ولم تأت فمكث بعد ذلك هو ينتظرها الى ان طلع النهار فلم تعد اليه ولم يزل على هذه الحاله يومين فعظم ذلك عنده وارتجف قلبه عليهاواشتد به الجوع فخرج من الحجرة وصاح على صبی الخان وقال له اريد أن تحملنی الى السوق فحمله والقاه فی السوق فاجتمع عليه أهل القدس وبكوا عليه لما رأوه على تلك الحالة وأشار اليهم بطلب شیء يأكله فجاؤوا له من التجار الذين فی السوق ببعض دراهم واشتروا له شيئا وأطعموه اياه ثم حملوه ووضعوه على دكان وفرشوا له قطعة برش ووضعوا عند رأسه أبريقا فلما أقبل الليل انصرف عنه کل الناس وهم حاملون همه فلما كان نصف الليل تذكر أخته فازداد به الضعف وامتنع من الاكل والشرب وغاب عن الوجود فقام أهل السوق وأخذوا له من التجار ثلاثين درهما واكتروا له جملا وقالوا للجمال احمل هذا واوصله الى دمشق وادخله المارستان لعله ان يبرأ فقال لهم على الرأس ثم قال فی نفسه كيف أمضی بهذا المريض وهو مشرف على الموت ثم خرج به الى مكان واختفى به الى الليل ثم القاه على مزبلة مستوقد حمام ثم مضى الى حال سبيله فلما أصبح الصباح طلع وقاد الحمام الى شغله فوجده ملقى على ظهره فقال فی نفسه لأي شيء ما يرمون هذا الميت الا هنا ورفسه برجله فتحرك فقال الوقاد الواحد منكم يأكل قطعة حشيش ويرمی نفسه فی أی موضع كان ثم نظر الى وجهه فرآه لا نبات بعارضيه وهو ذوبهاء وجمال فاخذته الرأفة عليه وعرف انه مريض وغريب فقال