صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/159

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فعند ذلك قامت اليه قوت القلوب واحتضنته وقبلته وتمكن حبه فی قلبها وباحت له بسرها وما عندها من المحبة وطوقت على رقبته بيديها وقبلته وهو يتمنع عنها خوفا من الخليفة ثم تحدثا ساعة من الزمان وهما غريقان فی بحر محبة بعضهما الى أن طلع النهار فقام غانم ولبس أتوابه وخرج الى السوق على عادته وأخذ ما يحتاج اليه الامر وجاء الى البيت فوجد قوت القلوب تبكی فلما رأته سكتت عن البكاء وتبسمت وقالت له أوحشتنی يا محبوب قلبی والله ان هذه الساعة التي غبتها عنی كسنة فانی لا أقدر على فراقك وها أنا قد بينت لك حالی من شدة ولعی بك فقم الآن ودع ما كان واقض أربك منی قال أعوذ بالله ان هذا شیء لا يكون كيف يجلس الكلب فی موضع السبع والذی لمولاي يحرم علی أن أقربه ثم جذب نفسه منها وجلس فی ناحية وزادت هی محبة بامتناعه عنها ثم جلست الى جانبه ونادمته ولاعبته فسكرا وهامت بالافتضاح به فغنت منشدة هذه الابيات

قلب المتیم کاد أن یتفتتا
فالی متی هذا الصدود إلی متی
یا معرضا عنی بغیر جنایة
فعوئد الغزلان أن تتلفتا
صد وهجر زائد وصبابة
ماکل هذا الامر یحمله الفتی

فبكى غانم بن ايوب وبكت هی لبكائه ولم يزالا يشربان الى الليل ثم قام غانم وفرش فرشين كل فرش فی مكان وحده فقالت له قوت القلوب لمن هذا الفرش الثانی فقال لها هذا لی والآخر لك ومن الليلة لا ننام إلا على هذا النمط وكل شیء للسيد حرام على العبد فقالت يا سيدی دعنا من هذا وكل شیء يجری بقضاء وقدر فأبى فانطلقت النار فی قلبها وزاد غرامها فيه وقالت والله ما ننام إلا سواء فقال معاذ الله وغلب عليها ونام وحده إلى الصباح فزاد بها العشق والغرام واشتد بها الوجد والهيام وأقاما على ذلك ثلاثة أشهر طوال وهی كلما تقرب منه يمتنع عنها ويقول كل ما هو مخصوص بالسيد حرام على العبد فلما طال بها المطال مع غانم بن أيوب المتیم المسلوب وزادت بها الشجون والكروب أنشدت هذه الابيات

بدیع الحسن کم هذا التجنی
ومن أغراك بالاعراض عنی
حویت من الرشاقة کل معنی
وحزت من الملاحة کل فن
رأجریت الغرام لکل قلب
وکللت السهاد بکل جفن
رأعرف قلبك الا غصان تجنی
فیاغصن الأراك أراك تجنی
وعهدی بالظبا صید فمالی
أراك تصید أرباب المجن
وأعجب ما أحدث عنك أنی
فتنت وأنت لم تعلم بأنی
فلا تسمح بوصلك لی فانی
أغار علیك منك فکیف منی
ولست بقائل ما دمت حیا
بدیع الحسن کم هذا التجنی

وأقاموا على هذا الحال مدة والخوف يمنع غانما عنها فهذا ما كان من أمر المتيم المسلوب غانم بن