صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/160

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أيوب (وأما) ما كان من أمر زبيدة فانها فی غيبة الخليفة فعلت بقوت القلوب ذلك الامر ثم صارت متحيرة تقول فی نفسها ما أقول للخليفة إذا جاء وسأل عنها وما يكون جوابي له فدعت بعجوز كانت عندها وأطلعتها على سرها وقالت لها كيف أفعل وقوت القلوب قد فرط فيها الفرط فقالت لها العجوز لما فهمت الحال اعلمی يا سيدتي أنه قرب مجیء الخليفة ولكن أرسلی إلى نجار وأمريه أن يعمل صورة ميت من خشب ويحفروا له قبرا وتوقد حوله الشموع والقناديل وأمری كل من فی القصر أن يلبسوا الاسود وأمری جواريك والخدام إذا علموا أن الخليفة أتى من سفره أن يشيعوا الحزن فی الدهليز فاذا دخل وسأل عن الخبر يقول إن قوت القلوب ماتت ويعظم الله أجرك فيها ومن معزتها عند سيدتنا دفنتها في قصرها فاذا سمع ذلك يبكی ويعز عليه ثم يسهر القراء على قبرها لقراءة الختمان فان قال فی نفسه إن بنت عمی زبيدة من غيرتها سعت فی هلاك قوت القلوب أو غلب عليه الهيام فامر باخراجها من القبر فلا تفزعی من ذلك ولو حفروا على تلك الصورة التی على هيئة ابن آدم وأخرجوها وهی مكفنة بالاكفان الفاخرة فان أراد الخليفة إزالة الاكفان عنها لينظرها فامنعيه أنت من ذلك والاخرى تمنعه وتقول رؤية عورتها حرام فيصدق حينئذ أنها ماتت ويردها إلى مكانها ويشكرك على فعلك وتخلصين ان شاء الله تعالى من هذه الورطة فلما سمعت السيدة زبيدة كلامها ورات أنه صواب خلغت عليها خلعتةوأمرتها أن تفعل ذلك بعد ما أعطتها جملة من المال فشرعت العجوز فی ذلك الامر حالا وأمرت النجار أن يعمل لها صورة كما ذكرنا وبعد تمام الصورة جاءت بها إلى السيدة زبيدة فكفنتها وأوقدت الشموع والقناديل وفرشت البسط حول القبر ولبست السواد وأمرت الجواری أن يلبسن السواد واشتهر الامر فی القصر أن قوت القلوب ماتت ثم بعد مدة أقبل الخليفة من غيبته وطلع إلى قصره ولكن ما شغل إلا قوت القلوب فرأى الغلمان والخدام والجواری كلهم لابسين السواد فارتجف فؤاده فلما دخل القصر على السيدة زبيدة رآها لابسة السواد فسأل عن ذلك فاخبروه بموت قوت القلوب فوقع مغشيا عليه فلما أفاق سأل عن قبرها فقالت له السيدة زبيدة اعلم يا أميرالمؤمنين أننی من معزتها عندی دفنتها فی قصری فدخل الخليفة بثياب السفر إلى القصر ليزور قوت القلوب فوجد البسط مفروشة والشموع والقناديل موقودة فلما رأى ذلك شكرها على فعلها ثم انه صار حائرا فی امره ولم يزل ما بين مصدق ومكذب فلما غلب عليه الوسواس أمر بحفر القبر واخراجها منه فلما رأى الكفن وأراد أن يزيله عنها ليراها خاف من الله تعالى فقالت العجوز ردوها إلى مكانها ثم إن الخليفة أمر فی الحال باحضار الفقهاء والمقرئين وقرؤوا الختمات على قبرها وجلس بجانب القبر يبكی إلى أن غشی عليه ولم يزل قاعدا على قبرها شهرا كاملا فادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح

(وفی لیلة 57) قالت بلغنس أيها الملك السعيد أن الخليفة لم یزل یتردد علی قبرها مدة شهر فاتفق أن الخلیفة دخل الحريم بعد انفضاض الامراء والوزراء من بين يديه إلى بيوتهم