فقال يا أميرالمؤمنين كان الشيخ ابراهيم فی الجمعه التی مضت قال لی يا سيدی جعفر اني أريد ان افرح اولادی فی حياتك وحياة أميرالمؤمنين فقلت له وما مرادك بهذا الكلام فقال لی مرادی ان آخذ لی اذنا من الخليفة بانی اطاهر اولادی فی القصر فقلت له افعل ما شئت من فرح أولادك وان شاء الله اجتمع بالخليفة واعلمه بذلك فراح من عندي على هذه الحال ونسيت ان اعلمك فقال الخليفة يا جعفر كان لك عندی ذنب واحد فصار لك عندی ذنبان لانك اخطأت من وجهين الوجه الاول انك ما اعلمتنی بذلك والوجه الثانی انك بلغت الشيخ ابراهيم مقصوده فانه ما جاء اليك وقال لك هذا الكلام الا تعريضا بطلب شیء من المال يستعين به على مقصوده فلم تعطه شيئا ولم تعلمنی حتى اعطيه فقال جعفر يا أميرالمؤمنين نسيت فقال الخليفة وحق أبائی واجدادی ما اتم بقية ليلتی الا عنده فانه رجل صالح يتردد اليه المشايخ ویحتفل بالفقراء ويواسی المساكين واظن ان الجميع عنده فی هذه الليلة فلا بد من الذهاب اليه لعل واحد منهم يدعو لنا دعوة يحصل لنا بها خيری الدنيا والآخرة وربما يحصل له نفع فی هذا الامر بحضوری ويفرح بذلك هو واحبابه فقال جعفر يا أميرالمؤمنين ان معظم الليل قد مضى وهم فی هذه الساعة على وجه الانفضاض فقال الخليفة لا بد من الرواح عنده فسكت جعفر وتحير فی نفسه وصارلا يدری فنهض الخليفة على قدميه وقام جعفر بين يديه ومعهما مسرور والخادم ومشى الثلاثة متنكرين ونزلوا من القصر وجعلوا يشقون فی الازقة وهم فی زی التجار الى ان وصلوا الى البستان المذكور فتقدم الخليفة فرأي البستان مفتوحا فتعجب وقال انظر الشيخ ابراهيم كيف خلی الباب مفتوحا الى هذا الوقت وما هی عادته ثم انهم دخلوا الى ان انتهوا الى آخر البستان ووقفوا تخت القصر فقال الخليفة يا جعفر ريد أن اتسلل عليهم قبل ان اطلع عندهم حتى انظر ما عليه المشايخ من النفحات وواردات الكرمات فان لهم شؤونا فی الخلوات والجلوات لاننا الآن لم نسمع صوتا ولم نر لهم اثرا ثم ان الخليفة نظر فرأى شجرة جوز عالية فقال يا جعفر اريد ان اطلع على هذه الشجرة فان فروعها قريبة من الشبابيك وانظر اليهم ثم ان الخليفة طلع فوق الشجرة ولم يزل يتعلق من فرع الى فرع حتى وصل الى الفرع الذی يقابل الشباك وقعد فوقه ونظر من شباط القصر فرأي صبية وصبيا كانهما قمران سبحان من خلقهما ورأى الشيخ ابراهيم قاعدا وفی يده قدح وهو يقول يا سيدة الملاح الشرب بلا طرب غير فلاح الم تسمعی قول الشاعر
فلما عابن الخليفة من الشيخ ابراهيم هذه الفعال قام عرق الغضب بين عينيه ونزل وقال يا جعفرانا ما رأيت شيئا من كرمات الصالحين مثل ما رأيت في هذه الليلة فاطلع انت الآخر على هذه الشجرة وانظر لئلا تفوتك بركات الصالحين فلما سمع جعفر كلام أميرالمؤمنين صار متحيرا فی أمره وصعد الى اعلى الشجرة واذا به نظر فرأى علی نور الدين والشيخ ابراهيم والجارية وكان الشيخ ابراهيم فی يده القدح فلما عاين جعفر تلك الحالة أيقن بالهلاك ثم نزل فوقف بين يدی أميرالمؤمنين فقال الخليفة يا جعفر