صفحة:أعلام المهندسين في الإسلام (الطبعة الأولى).pdf/20

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ۱۸ -

المذكورين عنه، فقالوا: نعم هذا قطعي فقال أريد منكم أن تعملوا الطريق الذي ذكره المتقدمون، حتى نبصر هل يتحرر ذلك أم لا، فسألوا عن الأراضي المتساوية في أي البلاد هي، فقيل لهم صحراء سنجار في غاية الاستواء، وكذلك وطآت الكوفة فأخذوا معهم جماعة ممن يثق المأمون إلى أقوالهم ويركن إلى معرفتهم بهذه الصناعة، وخرجوا إلى سنجار وجاءوا إلى الصحراء المذكورة، فوقفوا في موضع منها وأخذوا ارتفاع القطب الشمالي ببعض الآلات، وضربوا في ذلك الموضع وتداً وربطوا فيه حبلاً طويلاً، ثم مشوا إلى الجهة الشمالية على استواء الأرض من غير انحراف الى اليمين أو اليسار حسب الإمكان. فلما فرغ الحبل نصبوا في الأرض وتداً آخر، وربطوا فيه حبلاً طويلاً ومشوا إلى جهة الشمال أيضاً كفعلهم الأول ولم يزل ذلك دأبهم، حتى انتهوا إلى وضع أخذوا فيه ارتفاع القطب المذكور فوجدوه قد زاد على الارتفاع الأول درجة، فمسحوا ذلك القدر الذي قدروه من الأرض بالحبال فبلغ ستة وستين ميلاً وثلثي ميل، فعلموا أن كل درجة من درج الفلك يقابلها من مسطح الأرض ستة وستون ميلاً وثلثان.

ثم عادوا إلى الموضع الذي ضربوا فيه الوتدالأول وشدوا فيه حبلا وتوجهوا إلى جهة الجنوب ومشوا على الاستقامة، وعملوا كما عملوا في جهة الشمال من نصب الأوتاد وشد الحبال، حتى فرغت الحبال التي استعملوها في جهة الشمال، ثم أخذوا الارتفاع فوجدوا القطب الشمالي قد نقص عن ارتفاعه الأول درجة فصح حسابهم وحققوا ما قصدوه