صفحة:أبطال مصر (1922) - محمد السباعي.pdf/50

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ۳۸ -

الى النظام » ؟ أو ليس كل ذي حرفة وصناعة موكل في هـذه الدنيا أن يجمع المواد الطبيعية المبعثرة في أنحاء الكون المشتتة في ارجاء الوجود المتباينة جوهرا المتنافرة صفات وطباعا فلايزال يوفق بينها ويؤلف حتى يضم شتاتها ويجمع بددها ويفرغ تفاريقها في قالب محكم بديع عجيب الصنع محدود بالقواعد الهندسية والحسابية ؟ كلنا مولودون بفطرتنا اعداء للفوضى عشاقا للنظام ـ هذه مزية البشر عموماً وهي في الرجل العظيم اضعاف اضعافها في الرجل العادي .

النظام يقتضي الشدة ويتطلب الصرامة احياناً ـ وهذا بلا شك نوع من الحذر والاشفاق على المصلحة العامة ـ وفى هذه الظروف الضرورية يصبح إسم « الشدة والصرامة » غير منطبق تمام الانطباق على المعنى الحقيقي لما يتبعه الرجل الحازم من خطته الصارمة الشديدة التي يكون أحق بها وأولى وأقرب إلى معناها الحقيقي أن تسمى «رقة معكوسة » و « عطفا مقلوباً » اذكان باعتها الحقيقي هو العطف والرقة. والحنان والشفقة وكما أن الطبيعة تنجز اعمالها ونتج نتائجها أنا بالنسيم اللطيف وآونة بالاعصار العنيف وتارة بالجدول السلسل وأخرى بالسيل الجارف فكذلك الرجل المصلح الذي هو شعبة من الطبيعة وفلذة من