صفحة:أبطال مصر (1922) - محمد السباعي.pdf/195

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۸۳ – لهم أن يغمسوا أرواحهم في مدين بلاغته الفياضة ويغمروا نفوسهم برحيق بيانه المنعش . فمثل هذا الخطيب المصقع والمحدث البارع علا الساعة التي يقضها بالخطبة أو بالحديث من بدائع آياته وروائع معجزاته بما يجعلها غرة في جبين العصر ويترك غيرها من ساعات حياتنا الاعتيادية وكأنها بالنسبة الى تلك الساعة الغنية الفياضـة ساعات نوم ورقاد . فمن ذا الذي يعجب بعد ذلك لفرط ما أوتى أمثال ذلك الخطيب من التأثير والنفوذ والسلطان على نفوس البشر ؟ ثروت باشا خطيب عظيم ومن اجل هذا كان بطلا لأن قوة الخطابة نوع من البطولة . ذلك لأن الخطيب العظيم يقف من جماهير سامميه موقف المبارز المناجز المستعد لملاقاة كل قادم فهو قد وطن النفس على أن يكون في كلماته الحارة المتألفة . وفي عباراته الثرة المتدفقة . ما يقنع جميع سامعيه مهما تكاثر عددهم ويفحمهم ويشفى غليلهم ويكون فيه الجواب المسكت على كل ما عساه ان يجيش بصدور: ويجول في خواطرهم من الشكوك والظنون والاسئلة . لذلك ترى مثل هذا الخطيب اذا قام يخطب في المحافل وقف وقفة المشعر المنجرد المتحفز بقدم متقدمة الى الامام كالذي قد هم ان يزحف على تلك الجموع المحتشدة ويغزوهم