صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/40

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
(۴١)


مهرة


أرض باليمن قال ابن الفقيه : بها شجرة إذا كانت الأشهر الحرم هطل منها الماء فيمتلئ منه الحياض والمصانع وإذا مرّت الأشهر الحرم انقطع الماء. منها النجائب المهريّة وانّها كريمة جدّا ذكر أن سليمان بن عبد الملك كتب إلى عامله باليمن ليشتري له نجائب مهرية فطلبوا فلم يجدوا شيئا فقدم رجل من بجيلة على جمل عظيم الهامة فساوموه فقال : لا أبيعه.

فقالوا : لا نغصبك ولا ندعك لكن نحبسك ونكاتب أمير المؤمنين حتى يأتينا أمره! فقال : هلّا خيرا من هذا؟ قالوا : وما هو؟ قال : معكم نجائب كرام وخيل سبّق دعوني حتى أركب جملي واتبعوني فإن لحقتموني فهو لكم بغير ثمن. ثمّ قال : تأهّبوا. فصاح في أذنه ثمّ أثاره فوثب وثبة شديدة فتبعوه فلم يدركوه.

وبار


قال اللّيث : هو أرض بين اليمن وجبال يبرين من محالّ عاد فلمّا أهلكوا أورث الله أرضهم الجنّ فلا يتقاربها أحد من الناس.

قال أهل السير : هي مسمّاة بوبار بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام وهي ما بين الشّحر إلى صنعاء زهاء ثلاثمائة فرسخ في مثلها.

قال أحمد بن محمّد الهمذاني : وبار كانت أكثر الأرضين خيرا وأخصبها ضياعا وأكثرها شجرا ومياها وثمرا فكثرت بها القبائل وعظمت أموالهم وكانوا ذوي أجسام فأشروا وبطروا لم يعرفوا حقّ نعم الله تعالى عليهم فبدّل الله تعالى خلقهم وصيّرهم نسناسا لأحدهم نصف رأس ونصف وجه وعين واحدة ويد واحدة ورجل واحدة فخرجوا يرعون في تلك الغياض على شاطىء البحر كما ترعى البهائم وهم فيما بين وبار وأرض الشّحر وأطراف اليمن يفسدون الزرع فيصيدهم أهل تلك الديار بالكلاب ينفّرونهم عن زروعهم وحدائقهم.

حكى ابن الكيس النمري قال : كنّا في رفقة أضللنا الطريق فوقعنا في غيضة على ساحل البحر لا يدرك طرفاه فإذا أنا بشيخ طويل كالنخلة له نصف رأس ونصف بدن وعين واحدة ويد واحدة ورجل واحدة فأسرع مثل حضر الفرس العتيق وهو يقول :

فررت من جور الشّراة شدّا
إذ لم أجد من الفرار بدّا
قد كنت دهرا في شبابي جلدا
فها أنا اليوم ضعيف جدّا

زعم العرب أن سكّان أرض وبار جنّ ولا يدخلها إنسي أصلا فإن دخلها غالطا أو عامدا حثوا في وجهه التراب فإن أبى إلّا الدخول خبّلوه أو قتلوه أو ضلّ فيها ولا يعرف له خبر ولهذا قال الفرزدق :