صفاح عيون لحظها ليس يصفح
المظهر
صفاحُ عيونٍ لحظُها ليسَ يصفحُ
صفاحُ عيونٍ لحظُها ليسَ يصفحُ،
ونبلُ جفونٍ للجوارحِ تجرحُ
وماءُ حَياءٍ لَيسَ يَنقَعُ غُلّةً،
ونارُ خدودٍ للجوانحِ تلفحُ
ومَنظَرُ حُسْنٍ في سَنا البَدرِ رَسمُهُ
إلى القلبِ أحلى وهوَ في العنينِ أملحُ
وجَوهرُ ثَغرٍ يُحزِنُ القَلبَ لمحُهُ،
وقد زعموا أنّ الجواهرَ تفرحُ
وصَلْتٍ وصَلتُ السّهدَ بالجَفنِ عندما
غدا وهوَ من عذري عن الصبرِ أوضحُ
محاسنُ قادَتْ نَحوَها شارِدَ الهَوَى،
وظلّ إليها ناظرُ القلبِ يطمحُ
إذا ضَمّ أقسامَ الجَمالِ تَحَيّزٌ،
فإنّ جَميلَ الصّبرِ بالحُرّ يَقبُحُ
فللهِ صبٌّ لا يبلُّ غليلُهُ،
وإنسانُ عينٍ بالمدامعِ يسبحُ
ونفسٌ أبتْ إلاّ نزاعاً إلى الصِّبا،
تقاعسَها وخطُ المشيبِ، فتجمحُ
وأَشمَطُ من وُرقِ الحَمامِ كأنّما
سنا الصبحِ يصبي قلبهُ حينَ يصبحُ
يرجعُ تكرارض الهديلِ مغرداً،
فيصدعُ قلبي نوحهُ حينَ يصدحُ
وما ذاكَ إلاّ أن شدَوتُ فقَد غَدا
يُلَوّحُ بالأحزانِ لي فأُصَرّحُ
وما ضَرّني بُعدُ الدّيارِ، وأهلُها
بأرضي، وفقدُ الطرفِ ما كان يلمحُ
ورِجلايَ في أفناءِ دِجلَةَ قد سعَتْ،
وطرفيَ في أفناءِ حرزَمَ يسرحُ
مَنازِلُ لم أذكُرْ بها السِّقطَ واللّوَى،
ولم يصبني عنها الدَّخولُ فتوضحُ
ولم أقرِ بالمِقراةِ طَرفي بمثلِها،
فتسرحُ فيها العينُ، والصدرُ يشرحُ
فإنْ أكُ قد فارقتُ إلفاً ومعشراً
كراماً، إلى علياهُمُ العزُّ يجنحُ
فصبراً لما قد أفسدتهُ يدُ النّوى،
عسَى أنّهُ بالصالحِ الملكِ يصلحُ
مليكٌ، إذا ما رمتُ مدحاً لمجدِه،
تعلمُني أوصافُهُ كيفَ أمدَحُ
له في الوغَى والجودِ نفسٌ زكيةٌ،
من الليثِ أسطى، أو من الغيثِ أسمحُ
وأضيَقُ من سُمّ الخِياطِ اعتِذارُهُ،
وصدرٌ من الأرضِ البسيطةِ أفسحُ
تَحُلُّ بكَفّيهِ اللُّهَى عُمرَ ساعَةٍ،
لتَنزَحَها وُفّادُهُ، ثمّ تَنزَحُ
لقد ظلّ يصميني الزمانُ لبعدِهِ،
ويُحزِنُ قَلبي منهُ ما كان يُفرِحُ
فقلتُ لصرفِ الدهرِ ها أنا راحِلٌ
غلى ملكٍ قلبي منهُ ما كان يفرحُ
إلى مَلِكٍ يُخفي الملوكَ، فيَجتَلي،
وتغلقُ أبوابُ السماحِ، فيفتحُ
إلى مَلِكٍ لا مَورِدُ الجُودِ عندَهُ
أُجاجٌ، ولا مَرعَى السّماحِ مُصَوِّحُ
إلى ملكٍ يَلقَى الثّناء بمثِله
ويُنعُم من بَعدِ الثّناء ويَسمَحُ
إلى مَلِكٍ لا زالَ للمَدحِ خاطِباً،
وزادَ إلى أن كادَ للمَدحِ يَمدَحُ
ويُذكِرُني الإلفَ الذي هوَ فاقِدٌ،
فقد زجلَ المداحُ فيه ووشّحُوا
تَقولُ ليَ العَلياءُ، إذْ زُرتُ رَبعَهُ،
رويدَك! كم في الأرضِ تسعى وتكدحُ
إذا كنتَ ترضَى أن تعدّ بتاجرٍ،
هلمّ، ففيهِ تاجرُ المدحِ يربحُ
فأنتَجتُ من فِكري له كلّ كاعِبٍ
يزينُ عطفيْها البديعُ المنقحُ
وخلدتُ شعري في الطروسِ لأنني
أرى الشعرَ يَعلو قَدرُه حينَ يقرَحُ
فَيا مَلِكاً قد أطمَعَ النّاسَ حِلمُهُ،
لكثرةِ ما تهفو، فيعفو ويصفحُ
أعدْ، غيرَ مأمورٍ، على الضّدَ كيدَهُ،
واذكِ لهُ النّارَ التي باتَ يَقدَحُ
فقد أيقنَ الأعداءُ أنّكَ راحمٌ،
فباهوا بأفعالِ الخناءِ، وثجحُوا
إذا ما فعلتَ الخيرَ ضوعفَ شرُّهمْ،
وكلُّ إناءٍ بالذي فيهِ يَنضَحُ
ولو تابعوا قولَ الإلهِ وأمرَهُ،
لَقالوا بأنّ الصّلحَ للخَلقِ أصلَحُ
تَهَنّ بعيدِ النّحرِ، وانحَرْ من العِدى،
فجُودُكَ عيدٌ للوَرى ليسَ يَبرَحُ
وضحّ بهم، لا زِلتَ تنحرُ مثلهم،
ومِن دونِ مَغناكَ العَقايرُ تُذبَحُ