روضة الناظر وجنة المناظر/في البرهان
المظهر
في البرهان 1
وهو الذي يتوصل به إلى العلوم التصديقية المطلوبة بالنظر. وهو عبارة عن أقاويل مخصوصة، ألفت تأليفًا مخصوصًا بشرط يلزم منه رأي هو مطلوب الناظر، وتسمى هذه الأقاويل مقدمات 2. ويتطرق الخلل إلى البرهان من جهة المقدمات تارة، ومن جهة التركيب تارة، ومنهما تارة، على مثال البيت المبني: تارة يختل لعوج الحيطان، وانخفاض السقف إلى قرب من الأرض، وتارة لشعث 3 اللبنات، أو رخاوة الجذوع، وتارة لهما جميعًا. فمن يريد نظم البرهان يبتدئ أولًا بالنظر في الأجزاء المفردة، ثم في المقدمات التي فيها النظم والترتيب. وأقل ما يحصّل منه المقدمة: مفردان. وأقل ما يحصّل منه البرهان: مقدمتان، ثم يجمع المقدمتين فيصوغ منهما برهانًا، وينظر كيفية الصياغة 4 .
هامش
- ↑ قال الشيخ ابن بدران: "ذكر في أول المقدمة أن مدارك العقول تنحصر في الحد والبرهان، وأهل هذا الفن يعبرون عن الأول بالتصور، ويجعلون مبادئه الكليات الخمس التي هي الجنس، والنوع، والفصل، والخاصة، والعَرض العام، ومقاصده: القول الشارح الذي يعنونونه بالحد. وعن الثاني: بالتصديقات، ويجعلون مبادئه القضايا وأحكامها: من التناقص والعكس وغيرهما، ومقاصده: البرهان. ولما أتم الكلام على التصورات، أراد هنا أن يتكلم على التصديقات كلامًا على نمط الأول فقال: فصل في البرهان". "نزهة الخاطر العاطر جـ1 ص48".
- ↑ هذا هو تعريف البرهان، كما نقله عن المستصفى "1/ 29" لكن ببعض تصرف، وأوضح وأخصر منه ما قاله بعض العلماء من أنه: "قول مؤلف من قضايا يلزم عنها لذاتها قول آخر". وقولهم في التعريف "قول مؤلف من قضايا" يشمل ما كان من قضيتين، مثل قولنا: العالم متغير، وكل متغير حادث، وهو حجة بلا خلاف، فالمراد بالقضايا عند المناطقة: ما زاد على قضية واحدة. انظر في هذه المسألة: "شرح العضد على المختصر 1/ 76، إيضاح المبهم ص7".
- ↑ المراد بالشعث هنا: تفرق اللبنات وعدم تماسكها. انظر: القاموس المحيط فصل الشين، باب: الثاء.
- ↑ خلاصة ما يريده المصنف من إيراد المثال المحسوس الذي أورده في صورة بيت: أن ينظر الإنسان في المعاني المفردة وأقسامها، وفي الألفاظ المفردة ووجوه دلالتها، ثم إذا فهمنا اللفظ مفردًا، والمعنى مفردًا، استطعنا أن نؤلف معنيين ونجعلهما مقدمة، وننظر في حكم المقدمة وشرطها، ثم نجمع مقدمتين فنصوغ منهما قياسًا، وننظر في كيفية الصياغة الصحيحة. فإذا أردنا أن نبرهن على أن العالم حادث، ونرد على القائلين بقدمه، قلنا: العالم متغير، وهذه هي المقدمة الأولى، وتسمى "الصغرى" ثم نقول: وكل متغير حادث، وهذه هي المقدمة الثانية، وتسمى "الكبرى". ولهاتين المقدمتين نتيجة هي المقصودة للمستدل، وهي: "العالم حادث".