حزت بالكاظمين شأنا كبيرا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

حزت بالكاظمين شأنا كبيرا

​حزت بالكاظمين شأنا كبيرا​ المؤلف حيدر بن سليمان الحلي



حزت بالكاظمين شأنا كبيرا
 
فابق ياصحن آهلا معمورا
فوق هذا البهاء تكسي بهاء
 
ولهذي الأنوارِ تزدادُ نورا
إنما أنت جنة ضرب الله
 
عليها كجنة الخلد سورا
إن تكن فُجِّرت بهاتيك عينٌ
 
وبها يشربُ العبادُ نَميرا
فلكم فيك من عُيونٍ ولكن
 
فُجّرت من حواسدٍ تفجيرا
فاخرت أرضك السماء وقالت:
 
إن يكن مفخرٌ فمنّي أستُعيرا
ودعا يا رجاءُ هاك بناني
 
من غدا فيهما الضراح فخورا
بمصابيحي استضيء ربا معال
 
شرفا بيت ربك المعمورا
لك فخر المحارة انفلقت عن
 
دُرّتين استقلَّتا الشمس نورا
وهما قُبّتان ليست لكلٍّ
 
منهما قبة السماء نظيرا
صاغ كلتيهما بقدرتهِ الصا
 
ئغ من نوره وقال: أنيرا
حولَ كلٍّ منارتن من التبرِ
 
يجلى سناهما الديجورا
كبرت كل فيه بهما شأنا
 
فأبدن عليهما التكبيرا
فغدت ذاتَ منظرٍ لك تحكي
 
فيه عذراءَ تستخفُّ الوقورا
كعروسٍ بَدت بقرطي نُضار
 
فملت قلب مجتلها سرورا
بوركت من منابر قد أقيمت
 
عُمداً تحملُ العظيم الخطيرا
رفعت قبة الوجود ولولا
 
ممسكاها لآذنت أن تمورا
يالك الله ما أجلك صحنا
 
وكفى بالجلال فيك خفيرا
طبتَ إمّا ثراك مِسكُ وأمّا
 
عبق المسك من شذاه استعيرا
بل أراها كافورة َ حملتها
 
الريحِ خُلديَّة فطابت مسيرا
كلّما مرَّت الصبا عرَّفتنا
 
أنها جددت فطابت مسيرا
أين منها عطر الأمامة لولا
 
أنها قبلت ثراك العطيرا
كيف تحبيري الثناء فقل لي:
 
أنت ماذا لا حسن التحبيرا
صحنُ دارٍ أم دارة ٌ نيّراها
 
بهما الكونُ قد غدا مستنيرا
إن أقل: أرضك الأثير ثراها
 
ما أراني مدحت إلا الأثيرا
أنت طور النورِ الذي مذ تجلّى
 
لابن عمران دك ذاك الطورا
أنت بيتٌ برفعه أذِن الله
 
لفرهاد فاستهلَّ سرورا
وغدا رافِعاً قواعد بيتٍ
 
طبر الله أهله تطبيرا
خير صرح على يدي خير ملك
 
قدر الله صنعه تقديرا
تلك ذاتُ العمادِ لو طاوَلته
 
أنها جَددت عليك المرورا
أو رأى هذه المباني كسرى
 
لرأى ماابتناه قدماً حقيرا
ولنادي مهنياً كل من جاء
 
من الفرسِ أوَّلاَ وأخيرا
قائلاً: حسبكم بفرهاد فخراً
 
بلداً طيباً وربًّا غفورا
قد أقرَّ العيون منك بصنعٍ
 
ومن قال غير ذا قال: زُورا
وبهذا البنا لكم شادَ مجداً
 
لم يزل فيه ذكر كم منشورا
وبعصر سلطانه ناصر الدين
 
فأخليق بأن يباهي العصورا
قد حمى حوزة َ الهدى فيه ربٌّ
 
قال: كن أنت سيفه المنصورا
يا مُقيل العِثار تُهنيك بُشرى
 
تركت جدج حاسد يك عثورا
من رأى قبل ذا كعمّك عمًّا
 
ليس تغنى الملوك عنه نقيرا
وسعت راحتاه أيامَ عصرٍ
 
لم يلدن الأنسان إلا قتورا
بَثَّ أكرومة ً تُريك المعالي
 
ضاحكات الوجوه تجلو الثغورا
ذَخر الفوز في مبانٍ أرتنا
 
أنَّه كان كنزَها المذخُورا
ونظرنا في بذلهِ فهتفنا:
 
هكذا تبذل الملوك الخطيرا
قد كسى هذهِ المقاصر وشياً
 
فسيكسي وشياً ويحيي قصورا
يبدو فيكِ الصباحُ سَفورا
 
فوق جُدرانهِ بدا مسطُورا
إنّما الرقُّ مُهرِقٌ خطَّ وصفي
 
ذا البنا فيه فاغتدى منشورا
لك في دفتيه سحر ولكن
 
خطه مذ برى البليغ زبورا
فاروِعني سحاّرة َ الحسن واحذر
 
لافتتانٍ بسحرها أن تطيرا
وتحدث بفضل فرهاد وانظر
 
كيف منه نشرت روضاً نضيرا
مستشارٌ في كلّ أمرٍ ولكن
 
لسوى السيف لم يكن مُستشيرا
في حجور الحرب شب وكانت
 
أظهر الصافنات تلك الحجورا
قد حبا في الملا فكان غماماً
 
واحتبى في العلى فكان ثبيرا
ملأت بردتاه علماً وحلماً
 
وحجى راسخاً وجوداً غزيرا
لا تقس جود كفه بالغوادي
 
وندى كفِّه يمدُّ البحورا
بل من البحر تستمد الغوادي
 
كم عليهِ تطفَّلت كي تميرا
قل في عصرنا الكرام وفي فر
 
هاد ذاك القليل صار كثيرا
كم رقاب ارقها ورقاب
 
حررتها هباته تحريرا
إن رأينا نهر المجرَّة ِ قدماً
 
عبرته الشعرى وكان صغيرا
فهي اليوم دونَهُ وقفت من
 
دونِ بحرٍ فلا تُسمَّى العَبورا
لا ثلوناً ولا نزوراً شطورا
 
في سماطي نادي علاه وثيرا
وعليه اتكا بأعلى رواق
 
تخذ المكرمات فيه سميرا
وغدا باسطاً به كفَّ جُودٍ
 
نشرت ميت الندى المقبورا
 
فاحتلبها لبون جود درورا
وتشطر ضروعها حافلات
 
لا تلوناً ولا نزورا شطورا
واترِك غيرها فتلك زَبون
 
تدع القعب في يديك كسيرا
وعلى العصب لا تدر فأولى
 
لو جعلتَ العصاب عضباً طريرا
سعدُ قرِّط مسامعَ الدهر إنشادَ
 
ك تسمع من شئت حتى الصخورا
غير عبد الهادي أخيه أخي الـ
 
بالقوافي مُهنياً وبشيرا
وإمامين يُنقذان من النار
 
لمن فيهما غدا مستجيرا
وعلما غدا أبا لبني العلم
 
وأكرم به أبياً غيورا
وأغر أذيال تقواه للنا
 
س نفضن الدنيا وكانت غرورا
كم بسطنا الخطوب أيد أرتنا
 
أخذل الناس من أعدَّ نصيرا
طبتِ أهلاً وتربة ً وهواءً
 
كم نشقنا بجوِّه كافُورا
قد حماكِ المهديُّ عن أن تضامي
 
وكفاك المخشي والمحذورا
ومن الأمنِ مدّ فوقك ظِلاًّ
 
ومن الفخر قد كساك حبيرا
من يسامي علاه شيخاً كبيرا
 
وله دانت القُرومُ صغيرا
لم نجد ثانيا له كان بالفخر
 
خليقاً وبالثناءِ جديرا
 
سيف مقالاً فصلاً عزماً مبيرا
وأخي الشمس طلعة تُبهِت الشمـ
 
س إذا وجهه استهل منيرا
وأخي الغيثِ راحة ً تخجل
 
الغيثَ ولو ساجلته نوءً غزيرا
حفظ فيك حوزة الدين إذ كم
 
عنكَ ردّا باعَ الزمان قصيرا
واستطالا بهمة يأسران الـ
 
ـخطبَ فيها ويُطلقانِ الأسيرا
فبها سيدا معاً طور موسى
 
من رأى همة ً تُشيد الطورا
ومقاصير لو تكلفها الدهر
 
لأعي عجزاً وأبدى القصورا
 
لم يريدا غلا اللطيف الخبيرا
فيه كانا أعفَّ في الله كفًّا
 
ووراء الغيوب أنقى ضميرا
أجهدها في خدمة الدين نفساً
 
شكر الله سعيها المشكورا
أتعباها لتستريح بيوم
 
فيه تلقى جزاءَها موفورا
يعدل الحج ذلك العمل الصالح
 
إذ كان مثلُه مبرورا
معد الله أن يعد لكل
 
منهما فيه جنة وحريرا
أيها الصحن لم تزل للمصلى
 
ومن الذنب مسجداً وطهورا
دُمتَ ما أُرستِ الجبالُ وبانيـ
 
ـكَ ليومِ يُدعى بها أن تسيرا
واستطبها معطارة النظم منها
 
تَحسبُ اللفظَ لؤلؤاً منثورا
خُتِمت كافتتاحها فيك لا تعلَّم
 
أيا شذاه أذكى عبيرا