تناهى فاطمأن إلى العتاب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

تَناهى فاطمأَنَّ إلى العِتابِ

​تَناهى فاطمأَنَّ إلى العِتابِ​ المؤلف السري الرفاء


تَناهى فاطمأَنَّ إلى العِتابِ
وأحسنَ للعواذلِ في الخِطابِ
وسارَ جَنِيبَ غُصْنٍ غيرِ رَطْبٍ
وكان جنيبَ أغصانٍ رِطابِ
خَلَتْ منه ميادينُ التَّصابي
وعُرِّيَ منه أفراسُ الشَّبابِ
وزهَّدَه خِضابُ الناسِ لمَّا
تولَّى عنه في زُورِ الخِضابِ
وردَّ كؤوسَه في الحَلْي تُجلَى
وكان يَردُّها عُطْلَ الرِّقابِ
وأيقنَ أنه ظِفرُ اللَّيالي
تبيَّنَ في شَبا ظِفْرٍ ونابِ
وإن غادرْتَ مِصباحاً ضئيلاً
فقد ساوَرْنَ أثقبَ من شِهابِ
رأيتُ رِداءَه عِبئاً عليه
وسهلَ طريقِه حَزَنَ الشِّعابِ
كأن لم يُغْنِ فتيانَ العوالي
بنَجدَتِهوفتيانَ التَّصابي
ولم يَعْدِلْ صفاءَ العيشِ فيهم
وبعضُهُمُ قَذاةٌ في شَرابِ
ورُبَّ مُعَصْفراتِ القُمْصِ طافَتْ
عليه بها مُعَصفرةُ النِّقابِ
وألفاظٍ له عَذُبَتْفأغنَتْ
غِناءَ الرَّاحِ بالنُّطَفِ العِذابِ
يكرِّرُها على راووقِ فِكْرٍ
فيبعثُها كرَقراقِ السَّرابِ
وخَرْقٍ طال فيه السَّيْرُ حتى
حَسِبناه يسيرُ مع الرِّكابِ
صَحِبْنا فيه تَرْحاتِ التَّنائي
على ثِقَةٍ بِفَرْحاتِ الإيابِ
إلى الخِرْقِ الذي يَلقى الأماني
رحيبَ الصَّدْرِ منه والرِّحابِ
لقد أضحَتْ خِلالُ أبي حُصَيْنٍ
حصوناً في المُلِمَّاتِ الصِّعابِ
كساني ظِلَّ نائِلِهوآوى
غرائبَ مَنطِقي بعدَ اغترابِ
فكنتُ كروضَةٍ سُقِيت سَحاباً
فأَثنتْ بالنَّسيمِ على السَّحابِ
عَطاءٌ يَسْتَهِلُّ البِشرُ فيه
فيبعثُه انسكاباً في التهابِ
كما سارَتْ مؤلَّفَةُ الهَوادي
بلَمْعِ البرقِ مُذهَبَةَ الرَّبابِ
تَجرَّدَ للجِهادِفكان عَضباً
حديدَ الحَدِّ فيه غيرَ نابِي
ينازلُ مُصلَتاً من كلِّ أوبٍ
ويدخُلُ مُعلَماً من كلِّ بابِ
وأشيبَ عاينَ العلياءَ طِفْلاً
فقارعَ قبل تقريعِ العِتابِ
وحرَّمَ مِسْمَعَيْهِ على المَلاهي
وهُدَّابَ الإزارِ على التُّرابِ
يروعُكَوهومصقولُ السَّجايا
إذا ما هَزَّ مصقولَ الذُّبابِ
وقد شَغَلَتْ كعوبُ الرمحِ منه
يَديهِ عن مُلامَسَةِ الكِعابِ
وخفَّ عليه ثِقْلُ الدِّرعِ حتى
كأنَّ دروعَه سَرَقُ الثِّيابِ
وكم خَرقَ الحِجابَ إلى مَقامٍ
توارَى الشَّمسُ فيه بالحِجابِ
إذا شُنَّتْ به الغاراتُ كانت
نفوسُ المُعلَمينَ من النِّهابِ
كأنَّ سيوفَه بينَ العوالي
جداولُ يطَّرِدْنَ خِلالَ غابِ
وخَيْلٍ قادَها في جِنْحِ ليلٍ
تَطيرُ بِوَطْئِها نارَ الضِّرابِ
إذا مَرَقَتْ من الظَّلماءِ أذكَتْ
على المُرَّاقِ ثائرةَ العَذابِ
وقِرْنٍ شامَ صفحتَهفعادَى
صفيحةَ سيفِه عندَ الضِّرابِ
وقد وضحَتْ سطورُ البِيضِ فيه
كما وَضَحتْ سطورٌ في كِتابِ
مناقبُ تملأُ الحُسَّادَ غَيْظاً
وتُغْني الطَّالبينَ عن الطِّلابِ
وحُكمٌ تفْرُقُ الأعداءُ منه
كأنك فيه فاروقُ الصَّحَاب
يَوَدُّكَ فيه مَنْ تَقضي عليه
لشافي الحُكمِ أوكافي الصَّوابِ
إليكَ زَففتُها عذراءَ تأوي
حِجابَ القلبِ لا حُجُبَ النِّقابِ
أذَبْتُ لِصَوْغِها ذَهَبَ القوافي
فأَدَّتْ رونقَ الذَّهَبِ المُذابِ
تهاداها الملوكُ كما تَهادَتْ
أكفُّ البيضِ منظومَ السِّحابِ
تروقُكوهي ناجمةُ المعاني
كما راقَتْكَ نَاجِمَةُ الحَبابِ