انتقل إلى المحتوى

بدني أضحى إلى الأمم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

بدني أضحى إلى الأممِ

​بدني أضحى إلى الأممِ​ المؤلف محيي الدين بن عربي


بدني أضحى إلى الأممِ
نائباً عن كعبةِ الحرمِ
كعبةِ للسرِّ يسعى لها
كلُّ من يمشي على قدمِ
منْ أرادَ الحجَّ يقصدهُ
منْ جميعِ العربِ والعجمِ
أنا سِرّ الخلقِ كلهِّم
أنا اللاقسمة الكلم
إنني شفعٌ ووترٌ إذا
لم يكن بالرَّبع من إرَمِ
أنا كن لكنني شبحٌ
قابل للجهل والحكم
فيكونُ الجهلُ في صببٍ
ويكونُ العلمُ في علمِ
إننا لوحانِ قدْ رقما
غيرَ أنَّ الوترَ في القلمِ
أنا وصفُ الوصفِ فاتصفوا
أنا ذاتُ الذاتِ فالتزمِ
أنا سرُّ السرِّ قد عدلتْ
همتي عنْ موقفِ الهممِ
أنا نورُ النورِ قدْ برزتْ
بوجودي ذرةُ الظلم
أنا عِزُّ العز ما ملكتْ
نفسي ذاتُ الذلِّ والعدمِ
من رآني قدْ رأى ما خفيَ
في مثالِ النورِ والقدمِ
بلغ الغاياتِ قلبُ فتى
ليمين الله ملتزم
قد أبحنا لثمها فمه
عليةَ في سابقِ القدمِ
سعد نفسي أنها سعِدَتْ
بسلوكِ الواضحِ الأممِ
لمْ ينلهُ غيرها عشقاً
مثلها في سالف الأمم
يا رجالاً غيرنا طلبوا
أينَ جودُ البحرِ منْ كرمي
ارجعوا واستلموا كفَّ من
إنْ يهب لم يخش من عدم
كلُّ طرفٍ في العلى سابحٌ
نحونا وجداً بنا يرتمي
كلُّ سرٍّ خافضٌ رافعٌ
لوجودي رغبةً ينتمي
مثلَ حلّ الشمسِ في حملٍ
أمنوا تحلةَ القسمِ
لمْ يزلْ ولا يزالُ غداً
في نعيمٍ غير منصرمِ
وشموسُ الوصلِ طالعةٌ
وخسوفُ البحرِ في العدمِ
انظروا قولي لكمْ فلقد
طرفُ كلِّ الناسِ عنهُ عمي
تجدوه واضحاً حسناً
منبئاً عن رتبة الكرم
يا إلهَ الخلقِ يا أملي
وسميري في دجى الظلمِ
جدْ على صبِّ حليفٍ ضني
يا كثيرَ الفضلِ والنعمِ