إن لم أقف حيث جيش الموت يزدحم
المظهر
إن لم أقف حيثُ جيش الموت يزدحمُ
إن لم أقف حيثُ جيش الموت يزدحمُ
فلا مشت بي في العلا قدم
لا بدَّ أن أتداوى بالقنا فلقد
صبرت حتى فؤادي كله ألم
عندي من العزم سرٌّ لا أبوحُ به
حتى تبوحَ به الهِنديَّة الخُذم
لا أرضعت لي العلى ابناً صفو درَّتِها
إن هكذا ظل رمحي وهو منفطم
إلية بضبا قومي التي حمدت
قدماً مواقعها الهيجاء لا القمم
لأحلبن لدي الحرب وهي قناً
لبانها من صدور الشوس وهو دم
مالي أسلم قوماً عندهم ترثي
لاسالمتني يد الأيام إن سلموا
مَن حامِلٌ لوليّ الأمرِ مألكةً
تضوى على نفثات كلها ضرم
يابن لألى يقعدون الموت أن نهضت
بهم لدى الروع في وجه الضبا الهمم
الخيل عندك ملتها مرابطها
والبيض منها عرى أغمادها السأم
هذي الخدور ألاعدّاء هاتكةً
وذي الجباه ألا مشحوذة تسم
لاتطهر الأرض من رجس العدى أبداً
ما لم يَسِل فوقها سيل الدم العرم
بحيثُ موضع كلٍّ منهم لك في
دماه تكن فيه تجلى هذه الغمم
قد آن أن يمطرَ الدنيا وساكِنها
دماً أغر عليه النقع مرتكم
حران تدمغ هام القوم صاعقة
من كفه وهي السيف الذي علموا
نهضاً فَمن بظُباكم هامهُ فلقت
ضرباً على الدين فيه اليومَ يحتكم
وتلك أنفالكم في الغاصبين لكم
مقسومة وبعين الله تقتسم
جرائم آذتهم أن تعاجلَهم
بالأنتقام فهلا أنت منتقم
وإنَّ أعجب شيء أن أبثكَّها
كأَنَّ قلبك خالٍ وهو مُحتدم
ما خلتُ تعقد حتّى تُستثارَ لهم
وأنت أنت وهم فيما جنوه هم
لم تبق اسيافهم منكم على ابن تقى
فكيف تبقى عليهم لا أبا لهم
فلا وصفحك إن القوم ما صفحوا
ولا وحلمك إن القوم ما حلموا
فحمل أمك قدماً أسقطوا حنقاً
وطفل جدك في سهمِ الردى فطموا
لا صبر أو تضع الهيجاء ما حملت
بطلقةٍ معها ماءُ المخاضِ دمُ
هذا المحرّم قد وافتك صارخةً
ممّا استحلّوا به أيامهُ الحُرم
يملأنَ سمعكَ من أصوات ناعيةٍ
في مسمع الدهر من إعوالها صمم
تنعى إليك دماء غاب ناصرها
حتى أُريقت ولم يرفع لكم علم
مسفوحةً لم تُجب عند استغاثِها
إلاّ بأدمع ثكلى شفَّها الألم
حنّت وبين يديها فِتيةٌ شَرِبت
من نحرها نُصبَ عينيها، الضُّبا الخُذم
مُوسّدين على الرمضاءِ تنظرهم
حرّى القلوب على ورد الردى ازدحموا
سقياً لثاوينَ لم تَبلل مضاجِعَهم
إلاّ الدماءُ وإلاّ الأدمُعُ السجم
أفناهُمُ صَبرهم تحت الضُّبا كرماً
حتى قضوا ورداهم ملؤه كرُم
وخائضين غمار الموت طافحة
أمواجُها البيضُ بالهاماتِ تَلتطم
مشوا إلى الحرب مشي الضاريات لها
فصارعوا الموت فيها والقنا أجم
ولا غضاضة يوم الطف أن قتلوا
صبراً بهيجاء لم تثبت لها قدم
فالحرب تعلم إن ماتوا بها فلقد
ماتت بها منهم الأسياف لا الهمم
أبكيهم لعوادي الخيل إن ركبت
رؤسها لم تكفكف عزمها اللجم
وللسيوف إذا الموت الزؤام غدا
في حدها هو والأرواح يختصم
وحائرات أطار القوم أعينها
رُعباً غداة عليها خِدرَها هَجموا
كانت بحيث عليها قومها ضربت
سرادقاً أرضه من عزهم حرم
يكاد من هيبةٍ أن لا يطوفَ به
حتى الملائكُ لولا أنّهم خَدم
فغودرت بين أيدي القوم حاسرةً
تسبى وليس لها من فيه تعتصم
نعم لوت جيدَها بالعتب هاتِفةً
بقومِها وحشاها ملؤه ضَرُم
عجّت بهم مُذ على أبرادها اختلفت
أيدي العدوِّ ولكن مَن لَها بِهم
نادت ويا بُعدهم عنها مُعاتِبةً
لهم وياليتهم من عتبها أمم
قومي الأُلى عُقدت قِدماً مآزرُهم
على الحمية ماضيموا ولا اهتضموا
عهدي بهم قصر الأعمار شأنهم
لا يهرمون وللهيابة الهرم
مابالهم لاعفت منهم رسومهم
قروا وقد حملتنا الأنيق الرسم
ياغادياً بمطايا العزم حملها
هماً تضيق به الأضلاع والحزم
عرّج على الحيِّ من عمرو العلى وأرح
منهم بحيث اطمأن البأس والكرم
وحي منهم حماة ليس باتنهم
من لا يرف عليه في الوغى العلم
المشبعين قرى طير السما ولهم
بمنعة الجار فيهم يشهدُ الحرم
والهاشمين وكل الناس قد علموا
بأن للضيف أو للسيف ماهشموا
كماة حرب ترى في كل بادية
قتلى بأسيافهم لم تحوها الرجم
كأَنَّ كلّ فلاً دارٌ لهم وبها
عيالها الوحش أو أضيافها الرخم
قِف منهم موقفاً تغلي القلوبُ به
من فورة العتب واسأل ما الذي بهم
جفت عزائم فهر أم ترى بردت
منها الحمية أم قد ماتت الشيم
أم لم تجد لذعَ عتبي في حشاشتها
فقد تساقطَ جمراً من فمي الكلم
أين الشهامة أم أين الحفاظ أما
يأبى لها شرف الأحساب والكرم
تسبى حرائرها بالطف حاسرة
ولم تكن بغُبار الموت تلتثمُ
لمن أُعدّت عتاقُ الخيل إن قعدت
عن موقف هتكت نها به الحرم
فما اعتذارك يافهر ولم تثبي
بالبيض تُثلم أو بالسمر تنحطم
أجل نساؤكِ قد هزَّتكِ عاتِبةً
وأنت من رقدة تحت الثرى رمم
فلتُلفت الجيدَ عَنك اليوم خائبةً
فما غناؤكِ حالت دونكِ الرجم