صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/97

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٩٦ -

أن يؤول عسكره وكل ما فيه من الأموال والأمتعة والعدد إلى المأمون. وعمل على أن يعود هذا الجيش بكل أثقاله إليه، بفضل الفضل بن الربيع الذي حضـر وفاة الرشيد، وغيره من القواد الذين أرسل إليهم بتعليماته. ولكي يخفف عن المأمون كتب إليه أيضاً يهون عليه من الأمر، ويأمره يترك الجزع وأخذ البيعة لهما، وكذلك لأخيهما القاسم (المؤتمن).

وقام ابن الربيع بدعوة الجند إلى الانفضاض من حول المأمون والعــودة الى بغداد. وفعلا أجابه كثير منهم، رغم ما قام به قواد المأمون وعلى رأسهم ابن سهل من تذكير الناس ببيعة المأمون وسوءالهم الوفاء وتحذيرهم الحـنـث (قال ابن الربيع إنما أنا واحد من الجند). نتج عن ذلك أن أشفق المأمون عن حرج الموقف، ولكن ابن سهل طمأنه ورسم له السياسة الواجب اتباعها والتي تتلخص أولاً في الاعتصام بخراسان، اذ أن الخراسانية أخواله (المأمون) وهم بحكم قرابتهم هذه لن ينقضوا البيعة التي له في أعناقهم. ثانياً انتهاج سياسة دينية رزينة بدعوة الفقهاء إلى الحق والعمل به وإحياء السنن، ثم الاهتمام شخصياً بأمور الدولة ورد المظالم وإظهار التقشف والزهد. وبدأ تنفيذ هذا البرنامج بعمل موفق، وذلك أنه وضع أو خفض ريع الخراج عن خراسان مما كان له وقح حسن عند أهل البلاد (قالوا ابن أختنا وابن عم نبينا). كما أنه لاين الأمين في نفس الوقت الذي عمل فيه على توطيد مركزه في ولاياته الشرقية، بأن كتب إليه وعظمه وأهداه الهدايا.

أما عن الأمين فإنه من جهته لم يرني عن موقف أخيه، وعمل علـى إعادة الوحدة للدولة، على أن يحقق لنفسه السيادة الفعلية، وبدأ ذلـك على حساب الأخ الثالث، وهو القاسم (المؤتمن) الذي كان يلي الجزيرة وما يتبعها بأن نحاه عن جزء كبير من ولايته وأقره على قنسرين والـعـواصم فقط. وكانت هذه هي الخطوة الأولى. ففي السنة التالية ١٩٤هـ (۸۱۰م) خطا الخطوة الثانية، وكان فيها تهديد مباشر للمأمون وما يمكن أن نسميه بتمهيـد للإغارة على حقوقه في وراثة العرش والخلافة. وإذ أمر الأمين - بإغراء وزيـــره