صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/98

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ۹۷ –

الفضـل بن الربيع - بالدعاء لابنه موسى، الذي كان طفلاً صغيراً، في خطبة الجمعة الى جانب الدعاء لأخويه.

وكان من الطبيعي أن لا يسكت المأمون تحت ضغط وزیره ابن سهل هو أيضاً - على هذا العمل غير الودي وأجاب عليه بالمثل بـأن تجاهل خليفة بغداد، وقطع كل علاقة (أسقط اسمه في الطرز ومن النقود وقطع عنه البريد). وزاد ذلك من تأزم الموقف، إذ كشف الأمين عن نواياه، وأرسل بعثة إلى المأمون يطالبه بالحضور عنده ببغداد. وكان الهدف مـن هذه الزيارة هو الضغط عليه للتنازل عن بعض حقوقه في الوراثة (تقديم الأمين عليه) وربما في ولايته للمشرق (طلب إليه أن ينزل عن بعض کور خراسان وأن يكون عنده صاحب البريد يكاتبه بالأخبار).

وكان من الطبيعي أن يرفض المأمون إجابة مطالب الخليفة1 كما لم يوافق حزبه إطلاقاً على خروجه من خراسان، هذا رغم أن الموقف السياسي للأطراف الشرقية من ولايته كان ينذر بالخطر. فإذا كان رافع بن الليث قد مال إلى الاستسلام والطاعة فإن غيره كان قد أعلن العصيان مثل جابغو أو جبغويه الفارلوق (على سيحون) وخاقان التبت، وملك كابل الذي كـان يستعد للإغارة على خراسان، وملك أترار (مركز الغزو) الذي منع الضريبة.

واستطاع ابن سهل أن يدبر الأمور تدبيراً حسناً، وأن يظهر مقـدرة سياسية فائقة وذلك أنه بدأ بأن استمال أحد أفراد بعثة الأمين وهــو الذي خلع على عهـدي العباس بن موسى بن عيسى (حفيد عيسى بن موسى الذي خلع على عهدي المنصور والمهدي) - وعده إمرة الموسم ومواضع من مصر - فكان يكتب اليهم


  1. كتب له المأمون: "انما أنا عامل من عمال أمير المؤمنين وعون من أعوانه أمرني الرشيد - معناه تمسكه بوصية أبيه - بلزوم الثغر ولعمري أن مقامي به أرد على أمير المؤمنين وأعظم غناء للمسلمين".
    انظر، ابن الأثير، ج ٥، ص ١٣٩ - ١٤٠.