صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/122

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
- ۱٢٢ -

نا من اكثر التجارب والاختبارات العلمية من التعقيد بحيث يصعب تكرارها فانه يسلم بكلام العالم الذي يشرحها ، ولذلك يحق لنا أن نقول إن نفوذ الاستاذ في الوقت الحاضر هو كما في زمن ( أريسطوطاليس ) ، ويزداد هذا النفوذ كلما أصبح الاختصاص الامامى أعظم منه في الماضي . ولكون النفوذ أساس أكثر الآراء التي تلقيها التربية في الذهن فأننا نتدرب على اعتقاد رأى يبديه عالم ذو نفوذ بسهولة ، أجل إننا قد نأتى بأحكام هي على جانب من الاصابة في مواضيع مهنتنا ، وأما المسائل الأخرى التي يأتى بها رجل نافذ فاننا نفضل أن نسلم بها تسليا أعمى على إعمال الفكر فيها مباشرة . ويتوقف مصير أقطاب السياسة وأرباب الأعمال والمتفننين والكتاب والعلماء على ما فيهم من نفوذ خاص وقدرة على تلقين الناس تلقينا غير شعورى ، وقد ينجح الأبله أحيانا في نشر رأيه ، لانه لما كان غير شاعر ببانه لا يتردد في توكيد رأيه ويصبح بذلك ذا نفوذ . وسنثبت بأمثلة بارزة - عندما نعود إلى هذا الموضوع في الباب الذي خصصناه للبحث عن المعتقدات بحثا تجربيا - ان النفوذ هو في الغالب أحد العوامل التي تجعل العالم التحرير معتقداً ، وللنفوذ الذي هو موجد الآراء وسيد العزائم قوة أدبية تعلو القوى المادية ، فلما عاد نابليون وحده من جزيرة ( إلب ) افتتح بنفوذه جميع فرنسا في بضعة أيام ، وقد خرست أمام إكليل مجده مدافع الملك وتشتت شمل جيوشه ، وقد كان نفوذ نابليون عظياً حتى أنه أثر في أعدائه ، فبدلاً من أن تمقت ( ماری كارولين ) - زوجة أمير عائلة البوربون المالكة – ذلك العدو الرهيب عدته الها ، وإليك ما جاء في إحدى رسائلها . إن بونابارت هو أعظم رجل أظهرته العصور ، فأعجب به من رجل قوى ذي نجدة ومروءة ونشاط وعبقرية لا تبارى ، و يا سعادة الأمة التي يوجد على رأسها ملك مثله ! ، ولذلك تراني على ما في من كره للنظام الجمهوري وحب لتقويض دعائمه أرجو بقاء بونابارت . . D