صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/123

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ١٢۳ –

وقد كان شأن النفوذ في شوكة الملوك فيها الى الغاية ، حتى إن ( باسكال ) قال : « يجب على المرء أن يكون ذا عقل نقى خالص لكى ينظر الى ملكه - وهو في قصره الذي يحرسه أربعون ألف جندي – كما ينظر الى بقية الناس . » ، وفى الجيل الحاضر الذي هو جيل المساواة نرى نفوذ الملوك لا يزال محافظاً على شأنه ، فيجمل بالملوك أن يحافظوا عليه بحكمة ، كتب الموسيو ( نوزيار ) مراسل احدى الصحف المهمة : « أن جميع من حضروا جنازة ملك انكلترا قـد عجبوا من تأثير امبراطور المانيا في الجمع حينما كان يمشي في وسط الملوك ، حقاً إن غليوم يكتسب اعتقاده أنه ظل الله في الأرض عظمة غريبة تدهش الناس . »

والجماعات نظراً إلى احتياجها الى العبادة لا تلبث أن تعبد أشخاصا يؤثرون فيها بنفوذهم ، والزعيم لا يحافظ على نفوذه بالتملقي لها ، فهي وإن كانت تبحث عن مداهنين لها إلَّا أنها سرعان ما تحتقر من يتملقها .

ومع أن النظام العسكرى يقوم على نفوذ الضباط فإن جهل روح الجماعات أدى إلى ترك هذا المبدأ، إذ قد أمر الضباط بأن يعاملوا الجنود كاخوة وأن يبذروا فيهم الطاعة بقوة الحجة والبرهان ، يرضى ابن الطبقة الدنيا مختاراً بمثل هذا المبدإ ، ولكنه يحتمر ضباطه الذين يطبقونه كثيراً ، وماذا يكون مصير الجيش بعد أن يخسر هؤلاء نفوذهم ؟

و ينشأ بعض الفوضى الحاضرة عن كون رخاوة الطبقات القائدة قد جردتها من نفوذها ، وما مصير الملوك والشعوب والأفراد والنظم وكل عنصر من عناصر الحياة الاجتماعية سوى الاضمحلال عندما لا يبقى لهم نفوذ يؤثرون به .

يمكننا أن نلخص تأثير الاسباب في انتشار الآراء والمعتقدات التي ذكرناها في هذا الفصل بالكلمات الآتية وهى . لا رأى أولا معتقد يظهر بلا نفوذ ، ولا رأى أولا معتقد يسيطر بلا توكيد ، ولا رأى أو لا معتقد يبقى بلا مثال ولاتكرار .