صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/93

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

هید AY لم يعن ابو تمام بالهجو السياسي، لانه كان علوي النزعة ، مقرباً من العباسيين ، فلم يتأت له ان يهجو الشيعة ولا بني العباس . وكان عظيم الحظوة عنـد الامراء و اكثرهم من الموالي ، فا قصر عن هيجاء الشعوبية ، والرد على شعرائها الذين افحشوا في تعبير العرب . واقتصر على هجاء الشعراء الذين تعرضوا له حسداً ، فعا بواشعره ورموه بالسرقة والانتحال . واقتصر ايضاً على هجاء طائفة من الفتيان الذين صحبوه ثم ملوا صحبته ، فندد بهم ونشر مخازيهم وجاء هجوه لهم بهم ونشر مخازيهم وجاء هجوه لهم مفعما بالغيرة الخانقة، وحب الاستثمار . وهجاؤه في جملته غير بريء من التعهر وانتهاك الحرمات، وهو الى ذلك سهل الالفاظ ، قليل التكلف عاطفي يجري مع الطبع مکی و اراده ليس لابي تمام شعر خاص بالحكمة، وانما كان يبث حكمه في شتي قصائده على اختلاف اغراضها. وكانت كتب الفلسفة والمنطق قد نقلت عن اليونانية ، واطلع عليها الناس فشغفوا بها، فسبق ابو تمام الشعراء الى الاستفادة منها . فغاص على معانيها الدقيقة، واستخرجها من ابعد اغوارها . وجعل المنطق له إماماً، فاكثر من الاخـذ بالادلة العقلية، وارسلها حكما و امثالاً ً ، حتى روي له منها ما يربي على مائتي بيت . فالحكمة في شعر ابي تمام لا تقتصر على اختباراته لحوادث الايام و تجار بها ،شأن الشاعر الجاهلي بل تتعداها الى التفكير الصحيح ،لانه كان يتطلبها بالحاف، ويتعمدها اكثر مما يأتي بها عفواً وحكم الطائي في جملتها قائمة على المواعظ الادبية، والنظر في اخلاق الناس و تعظيم العقل، وذم الزمان لأنه يشقى به العاقل وينعم الجاهل واذا شئت ان تستخلص لشاعرنا رأيا خاصا بالحياة ، فبوسعك ان تحصره في دائرة صغيرة الا وهي الصبر، ومصانعة الايام ومداورتها، والاغتراب طلباً للرزق ، ومحاربة للفقر . فمن ذلك قوله