صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/92

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

AT الوعظ الزهر لم يتنسك ابوتمام، كما تنسك غيره من الشعراء ، و لاعرف الزهد الى نفسه سبيلا بل ظل يجني من الحياة احلى ثمارها ، ويستنشق اطيب ازهارها . لا يتورع من اثم يرتكبه ، ومحرم لا يجتنبه . فقد كان من طلاب اللذة و لكنه آثرها مستترة . وكان ككل خاطئ ابتلي بالمعاصي ، تمر به ساعات خوف و ندم ، فتتمثل له الآخرة وعذابها ،فتطير نفسه شعاعاً، فيفرع الى ربـه مستغفراً متندماً ، ويقف من نفسه موقف الواعظ الحكيم ، فيؤنبها على استهتارها وغفلتها، ويذكرها الموت والفناء والعذاب . وليس له شعر كثير في الزهد ، لان هذا النوع لم يكن من طلباته، وانما كان يعرض له على كره منه . فينظمه خاضعاً لتأثير نفساني طارئ لا يلبث أن يزول ويبدو هذا التأثير عظيماً عندما تسمعه يتمنى ان يصبح بعد موته رفاتاً محضاً، لا نفس له خالدة في نعيم او جحيم فيا ليتني من بعد موتي ومبعني، أكون رفاتا لا علي ولا ليا و لكنه حسن الايمان بالله، شديد الاتكال عليه . فاذا الخوف والرجاء يعتلجان في صدره : أخاف إلهي ثم أرجو نواله، ولكن خوفي قاهر لرجائيا ويقول ايضاً واني جدير أن أخاف وأتقي ، وإن كنت أنشرك بذي العرش ثانياً لم وهذا البيت يظهر لنا الشاعر كبير الذنب، ولكنه صادق في عقيدته ، مخلص لإسلامه

1 ا نواله : عطاءه